الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 4 من سورة الليل
وقوله- تعالى-: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى هو جواب القسم. وشتى جمع شتيت. مثل:
جريح وجرحى، ومريض ومرضى. والشيء الشتيت: هو المتفرق المتناثر بعضه عن بعض، من الشتات بمعنى الابتعاد والافتراق.
والمعنى: وحق الليل إذا يغشى النهار فيستر ضياءه، وحق النهار إذا تجلى وأسفر وأزال الليل وظلامه، وحق الخالق العظيم القادر الذي أوجد الذكور والإناث.
وحق كل ذلك، إن أعمالكم ومساعيكم- أيها الناس- في هذه الحياة، لهى ألوان شتى، وأنواع متفرقة، منها الهدى ومنها الضلال، ومنها الخير، ومنها الشر، ومنها الطاعة، ومنها المعصية.. وسيجازى- سبحانه- كل إنسان على حسب عمله.
وحذف مفعول «يغشى» للتعميم، أى يغشى كل شيء ويواريه بظلامه.
وأسند- سبحانه- التجلي إلى النهار، على سبيل المدح له بالاستنارة والإسفار.
والمراد بالسعي: العمل. وقوله «سعيكم» مصدر مضاف فيفيد العموم فهو في معنى الجمع أى: إن مساعيكم لمتفرقة.
قال القرطبي: السعى: العمل، فساع في فكاك نفسه، وساع في عطبها، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «الناس غاديان: فمبتاع نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها»