تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 40 من سورة الكهف
فعسى ربي بمعنى لعل أي فلعل ربي .
أن يؤتين خيرا من جنتك أي في الآخرة . وقيل في الدنيا .
ويرسل عليها أي على جنتك .
حسبانا أي مرامي من السماء ، واحدها حسبانة ; قاله الأخفش والقتبي وأبو عبيدة . وقال ابن الأعرابي : والحسبانة السحابة ، والحسبانة الوسادة ، والحسبانة الصاعقة . وقال الجوهري : والحسبان ( بالضم ) : العذاب . وقال أبو زياد الكلابي : أصاب الأرض حسبان أي جراد . والحسبان أيضا الحساب ، قال الله - تعالى - : الشمس والقمر بحسبان . وقد فسر الحسبان هنا بهذا . قال الزجاج : الحسبان من الحساب ; أي يرسل عليها عذاب الحساب ، وهو حساب ما اكتسبت يداك ; فهو من باب حذف المضاف . والحسبان أيضا : سهام قصار يرمى بها في طلق واحد ، وكان من رمي الأكاسرة . والمرامي من السماء عذاب . فتصبح صعيدا زلقا يعني أرضا بيضاء لا ينبت فيها نبات ولا يثبت عليها قدم ، وهي أضر أرض بعد أن كانت جنة أنفع أرض ; وزلقا تأكيد لوصف الصعيد ; أي تزل عنها الأقدام لملاستها . يقال : مكان زلق ( بالتحريك ) أي دحض ، وهو في الأصل مصدر قولك : زلقت رجله تزلق زلقا ، وأزلقها غيره . والزلق أيضا عجز الدابة . قال رؤبة :
كأنها حقباء بلقاء الزلق
والمزلقة والمزلقة : الموضع الذي لا يثبت عليه قدم . وكذلك الزلاقة . والزلق الحلق ، زلق رأسه يزلقه زلقا حلقه ; قاله الجوهري . والزلق المحلوق ، كالنقض والنقض . وليس المراد أنها تصير مزلقة ، بل المراد أنها لا يبقى فيها نبات كالرأس إذا حلق لا يبقى عليه شعر ; قاله القشيري .