الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 16 من سورة الأعلى
وقوله- تعالى-: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى الإضراب فيه عن كلام مقدر يفهم من السياق.
والمعنى: لقد بينت لكم ما يؤدى إلى فلاحكم وفوزكم.. ولكنكم- يا بنى آدم- كثير منكم لم يستجب لما بينته له، بل أنتم تؤثرون الحياة الدنيا، بأن تقدموا زينتها وشهواتها ومتعها..
على ما ينفعكم في آخرتكم، والحال أن ما في الدار الآخرة من نعيم، خير وأبقى من حطام الدنيا، لأن الدنيا ومتعها زائلة، أما الآخرة فخيرها باق لا يزول.
والخطاب لجميع الناس، ويدخل فيه الكافرون دخولا أوليا، وعليه يكون المراد بإيثار الحياة الدنيا بالنسبة للمؤمنين، ما لا يخلو منه غالب الناس، من اشتغالهم في كثير من الأحيان بمنافع الدنيا، وتقصيرهم فيما يتعلق بآخرتهم.
ويرى كثير من العلماء: أن الخطاب للكافرين على سبيل الالتفات، ويؤيد أن الخطاب للكافرين قراءة أبى عمرو بالياء على طريقة الغيبة.
أى: بل إن الكافرين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة، مع أن الآخرة خير وأبقى.