الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 29 من سورة الأنعام
ثم بين- سبحانه- بعض مفترياتهم في الدنيا واغترارهم بها فقال- تعالى- وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ.
أى: أن هؤلاء الكافرين قد بلغ بهم الحب للدنيا والتعلق بها أنهم قالوا: ما الحياة التي تسمى حياة في نظرنا إلا هذه الدنيا التي نتمتع فيها بما نريد من شهوات وما نحن بمبعوثين ولا محاسبين بعد ذلك.
فالآية الكريمة تحكى عنهم أنهم ينكرون أى حياة سوى الحياة التي يعيشونها، وينفون وقوع البعث والحساب والثواب والعقاب نفيا مؤكدا بالباء وبالجملة الاسمية.
ويرى جمهور المفسرين أن هذه الآية الكريمة تتمة للآية السابقة لها من حيث المعنى، وأن قوله وَقالُوا معطوف على لَعادُوا والتقدير، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر وسيئ الأعمال وقالوا ما الحياة إلا حياتنا الدنيا، ويكون قوله وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ جملة اعتراضية مؤكدة لمعنى عودتهم إلى ما كانوا عليه إن عادوا إلى الدنيا، إذ هي تكذيب لادعائهم أنهم لا يكذبون بآيات ربهم.