الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 40 من سورة الذاريات
ثم بين- سبحانه- نتيجة إعراض فرعون عن الحق فقال: أَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ.
والنبذ: الطرح للشيء بدون اكتراث أو اهتمام به، وقوله لِيمٌ
من ألام، إذا أتى ما يلام عليه، كأغرب إذا أتى أمرا غريبا، وجملة، وهو مليم، حال من المفعول في قوله أَخَذْناهُ.
أى: فأخذنا فرعون هو وجنوده الذين ارتكن إليهم أخذ عزيز مقتدر، فألقينا بهم جميعا في البحر بدون اعتداد بهم، بعد أن أتى فرعون بما يلام عليه من الكفر والطغيان.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف وصف نبي الله يونس- عليه السلام- بما وصف به فرعون في قوله- تعالى-: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ؟
قلت: موجبات اللوم تختلف، وعلى حسب اختلافها تختلف مقادير اللوم، فراكب الكبيرة ملوم على مقدارها، وكذلك مقترف الصغيرة. ألا ترى إلى قوله- تعالى-: وَعَصَوْا رُسُلَهُ، وقوله وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى لأن الكبيرة والصغيرة يجمعها اسم العصيان، كما يجمعهما اسم القبيح والسيئة .