الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 36 من سورة المؤمنون
ثم حكى- سبحانه- أنهم لم يكتفوا بكل ما أثاروه من شبه لصرف أتباعهم عن الحق بل أضافوا إلى ذلك. أن ما يقوله هذا النبي مستبعد في العقول، وأنه رجل افترى على الله كذبا..
فقال- تعالى-: هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ.
ولفظ «هيهات» اسم فعل ماض، معناه: بعد بعدا شديدا، والغالب في استعمال هذا اللفظ مكررا، ويكون اللفظ الثاني مؤكدا تأكيدا لفظيا للأول.
أى: قال الملأ من قوم هذا النبي لغيرهم، على سبيل التحذير من اتباعه: بعد بعدا كبيرا ما يعدكم به هذا الرجل من أن هناك بعثا وحسابا وجزاء بعد الموت، وأن هناك جنة ونارا يوم القيامة.
قال الآلوسى: «وقوله- سبحانه-: هَيْهاتَ اسم بمعنى بعد.
وهو في الأصل اسم صوت، وفاعله مستتر فيه يرجع للتصديق أو للصحة أو للوقوع أو نحو ذلك مما يفهم من السياق. والغالب في هذه الكلمة مجيئها مكررة.. وقوله لِما تُوعَدُونَ بيان لمرجع ذلك الضمير، فاللام متعلقة بمقدر، كما في قولهم: سقيا له. أى:
التصديق أو الوقوع المتصف بالبعد كائن لما توعدون.. .