الوسيط للطنطاوي
تفسير الآية رقم 100 من سورة المؤمنون
و «لعل» في قوله تعالى: لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً للتعليل. أى: ارجعون لكي أعمل عملا صالحا.
وفي معنى هذه الآية وردت آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: ... وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ .
وقوله- سبحانه- وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ. رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا، فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ .
ثم بين- سبحانه- الجواب عليهم فقال: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها، وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.
و «كلا» حرف زجر وردع. والبرزخ: الحاجز والحاجب بين الشيئين لكي لا يصل أحدهما إلى الآخر. والمراد بالكلمة: ما قاله هذا الكافر. أى: رب ارجعون.
أى: يقال لهذا الكافر النادم: كلا، لا رجوع إلى الدنيا إِنَّها أى قوله رب ارجعون، كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ولن تجديه شيئا، لأنه قالها بعد فوات الأوان لنفعها، وَمِنْ وَرائِهِمْ أى: ومن أمام هذا الكافر وأمثاله، حاجز يحول بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا، وهذا الحاجز مستمر إلى يوم البعث والنشور.
فالمراد بالبرزخ: تلك المدة التي يقضيها هؤلاء الكافرون منذ موتهم إلى يوم يبعثون.
وفي هذه الجملة الكريمة. زجر شديد لهم عن طلب العودة إلى الدنيا. وتيئيس وإقناط لهم من التفكير في المطالبة بالرجعة، وتهديد لهم بعذاب القبر إلى يوم القيامة.