تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 31 من سورة المرسلات
لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31)
والظليل : القوي في ظِلاله ، اشتق له وصف من اسمه لإفادة كماله فيما يراد منه مثل : لَيْلٌ ألْيَلُ ، وشِعْرٌ شَاعِرٌ ، أي ليس هو مثل ظل المؤمنين قال تعالى : { ونُدخلهم ظِلاًّ ظليلاً } [ النساء : 57 ] . وفي هذا تحسير لهم وهو في معنى قوله تعالى : { وظِلَ من يَحموم لا بَارِد ولا كريم } [ الواقعة : 43 ، 44 ] .
وجُرّ { ظليل } على النعت ل { ظل } ، وأقحمت { لا } فصارت من جملة الوصف ولا يظهر فيها إعراب كما تقدم في قوله تعالى : { إنها بقرةٌ لاَ فَارض ولا بِكْر } [ البقرة : 68 ] وشأن { لا } إذا أدخلت في الوصف أن تكرر فلذلك أعيدت في قوله : { ولا يغني من اللهب } .
والإِغناء : جعل الغير غنياً ، أي غير محتاج في ذلك الغرض ، وتعديته ب ( مِن ) على معنى البدلية أو لتضمينه معنى : يُبعد ، ومثله قوله تعالى : { وما أُغني عنكم من الله مِنْ شيء } [ يوسف : 67 ] . وبذلك سلب عن هذا الظل خَصائص الظلال لأن شأن الظل أن ينفس عن الذي يأوي إليه أَلَم الحر .