تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 14 من سورة المزمل
يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (14)
ويتعلق { يوم ترجف } بالاستقرار الذي يتضمنه خبر { إن } في قوله { إن لدينا أنكالاً .
والرجف : الزلزلة والاضطراب ، والمراد : الرجف المتكرر المستمر ، وهو الذي يكون به انفراط أجزاء الأرض وانحلالها .
والكثيب : الرمل المجتمع كالربوة ، أي تصير حجارةُ الجبال دُقاقاً .
ومهيل : اسم فعول من هال الشيءَ هيلاً ، إذا نثره وصبّه ، وأصله مهيول ، استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الساكن قبلها فالتقى ساكنان فحذفت الواو ، لأنها زائدة ويدُلُّ عليها الضمة .
وجيء بفعل كانت } في قوله : { وكانت الجبال كثيباً } ، للإِشارة إلى تحقيق وقوعه حتى كأنه وقع في الماضي . ووجه مخالفته لأسلوب { ترجف } أن صيرورة الجبال كثباً أمر عجيب غير معتاد ، فلعله يستبعده السامعون وأما رجف الأرض فهو معروف ، إلاّ أن هذا الرجف الموعود به أعظم ما عرف جنسه .