تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 25 من سورة الجن
قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) كان المشركون يكثرون أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم { متى هذا الوعد } [ النمل : 71 ] ، و { عن الساعة أيان مرساها } [ الأعراف : 187 ] ، وتكررت نسبة ذلك إليهم في القرآن ، فلما قال الله تعالى : { حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصراً } [ الجن : 24 ] الآية علِم أنهم سيعيدون ما اعتادوا قوله من السؤال عن وقت حلول الوعيد فأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعيد عليهم ما سبق من جوابه .
فجملة { قل إن أدري أقريب ما توعدون } مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن القول المأمور بأن يقوله جواب لسؤالهم المقدر .
والأمد : الغاية وأصله في الأمكنة . ومنه قول ابن عمر في حديث «الصحيحين» : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقَ بين الخيل التي لم تُضَمَّر وجعل أمدَها ثنيةَ الوداع " ( أي غاية المسابقة ) . ويستعار الأمد لمدة من الزمان معينة قال تعالى : { فطال عليهم الأمد } [ الحديد : 16 ] وهو كذلك هنا . ومقابلته ب«قريب» يفيد أن المعنى أم يجعل له أمداً بعيداً .