تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 162 من سورة الأعراف
ووقع في هذه الآية { فبدل الذين ظلموا منهم } ولم يقع لفظ { منهم } في سورة البقرة ، ووجه زيادتها هنا التصريحُ بأن تبديل القول لم يصدر من جميعهم ، وأجمل ذلك في سورة البقرة لأن آية البقرة لما سيقت مساق التوبيخ ناسب إرهابهم بما يوهم أن الذين فعلوا ذلك هم جميع القوم ، لأن تبعات بعض القبيلة تحمل على جماعتها .
وقدم في سورة البقرة ( 58 ) قوله : { وادخلوا الباب سجداً } على قوله : { وقولوا حطة } [ البقرة : 58 ] وعُكس هنا وهو اختلاف في الإخبار لمجرد التفنن ، فإن كلا القولين واقع قُدّم أو أُخّر .
وذكر في البقرة ( 58) : { وكلوا منها حيث شئتم رَغَداً } ولم يذكر وصف رغداً هنا ، وإنما حكي في سورة البقرة ، لأن زيادة المنة أدخل في تقوية التوبيخ .
وجملة سنزيد المحسنين } مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن قوله : { تُغفرْ لكم } في مقام الامتنان بإعطاء نعم كثيرة مما يثير سؤال سائِل يقول : وهل الغفران هو قصارىَ جزائِهم؟ فأجيب بأن بعده زيادة الأجر على الإحسان ، أي على الامتثال .
وفي نظير هذه الآية من سورة البقرة ( 58 ) ذكرت جملة { وسنزيد المحسنين } معطوفة بالواو على تقدير : قلنا لهم ذلك وقلنا لهم سنزيد المحسنين ، فالواو هنالك لحكاية الأقوال ، فهي من الحكاية لا من المحكي أي قلنا وقلنا سنزيد .
وقرأ نافع ، وأبو جعفر ، ويعقوب { تُغفر } بمثناة فوقية مبنياً للمجهول ، و { خطيئاتُكم } بصيغة جمع السلامة للمؤنث وقرأه ابن كثير ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف : { نَغْفر } بالنون مبنياً للفاعل و { خطيئاتِكم } بصيغة جمع المؤنث السالم أيضاً وقرأه أبو عمرو { نغفر } بالنون و { خطاياكم } بصيغة جمع التكسير ، مثل آية البقرة ، وقرأ ابن عامر : { تُغفر } بالفوقية وخطيئتكم بالإفراد .
والاختلاف بينها وبين آية البقرة في قراءة نافع ومن وافقه : تفنن في حكاية القصة .