تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 27 من سورة القلم
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) و { بل نحن محرومون } إضراب للانتقال إلى ما هو أهم بالنظر لحال تبييتهم إذ بيَتوا حرمان المساكين من فضول ثمرتهم فكانوا هم المحرومين من جميع الثمار ، فالحرمان الأعظم قد اختص بهم إذ ليس حرمان المساكين بشيء في جانب حرمانهم .
والكلام يفيد ذلك إما بطريق تقديم المسند إليه بأن أُتي به ضميراً بارزاً مع أن مقتضى الظاهر أن يكون ضميراً مستتراً في اسم المفعول مقدَّراً مؤخراً عنه لأنه لا يتصور إلاّ بعد سماع متحمِّله . فلما أبرز الضمير وقُدم كان تقديمه مؤذناً بمعنى الاختصاص ، أي القصر ، وهو قصر إضافي ، وهذا من مستتبعات التراكيب والتعويل على القرائن .
ويحتمل أن يكون الضلال حقيقياً ، أي ضلال طريق الجنة ، أي قالوا : إنا أخطأنا الطريق في السير إلى جنتنا لأنهم توهموا أنهم شاهدوا جنة أخرى غير جنتهم التي عهدوها ، قالوا ذلك تحيراً في أمرهم .
ويكون الإِضراب إبطالياً ، أي أبطلوا أن يكونوا ضَلّوا طريق جنتهم ، وأثبتوا أنهم محرومون من خير جنتهم فيكون المعنى أنها هي جنتهم ولكنها هلكت فحرموا خيراتها بأن أتلفها الله .