تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 12 من سورة الذاريات
يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12(هذه الجملة يجوز أن تكون حالاً من ضمير { الخراصون } [ الذاريات : 10 ] وأن تكون استئنافاً بيانياً ناشئاً عن جملة { قتل الخراصون } [ الذاريات : 10 ] لأن جملة { قتل الخراصون } أفادت تعجيباً من سوء عقولهم وأحْوالهم فهو مثار سؤال في نفس السامع يتطلب البيان ، فأجيب بأنهم يسألون عن يوم الدين سؤال متهكمين ، يعنون أنه لا وقوع ليوم الدين كقوله تعالى : { عمّ يتساءلون * عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون } [ النبأ : 1 3 ] .
و { أيّان يوم الدين } مقول قول محذوف دلّ عليه { يسألون } لأن في فعل السؤال معنى القول . فتقدير الكلام : يقولون : أيان يوم الدين . ولك أن تجعل جملة { أيان يوم الدين } بدلاً من جملة { يسألون } لتفصيل إجماله وهو من نوع البدل المطابق . و { أيّان } اسم استفهام عن زمان فعل وهو في محل نصب مبنيّ على الفتح ، أي متى يوم الدين ، ويوم الدين زمان فالسؤال عن زمانه آيل إلى السؤال باعتبار وقوعه ، فالتقدير : أيان وقوع يوم الدين ، أو حلوله ، كما تقول : متى يوم رمَضان أي متى ثبوته لأن أسماء الزمان حقها أن تقع ظروفاً للأحداث لا للأزمنة .