تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 57 من سورة طه
قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) هذه الجملة متصلة بجملة { قال فما بال القرون الأولى } [ طه : 51 ] وجواب موسى عنها . وافتتاحُها بفعل { قَالَ } وعدم عطفه لا يترك شكّاً في أن هذا من تمام المحاورة .
وقوله { أجِئتَنَا لِتُخْرِجَنَا من أرْضِنَا بِسِحْرِكَ } يقتضي أنه أراه آية انقلاب العصا حَيّة ، وانقلاب يَده بيضاء . وذلك ما سمّاه فرعون سِحراً . وقد صُرح بهذا المقتضى في قوله تعالى حكاية عنهما : { قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين قال أو لو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره . . . } الآية في سورة [ الشعراء : 29 - 35 ]. وقد استغنى عن ذكره هنا بما في جملة { ولقد أريناه آياتنا كلها } [ طه : 56 ] من العموم الشامل لآية انقلاب العصا حيّة .
وإضافته السحرَ إلى ضمير موسى قُصد منها تحقير شأن هذا الذي سمّاه سحراً .
وأسنَدَ الإتيان بسحرٍ مثله إلى ضمير نفسه تعظيماً لشأنه . ومعنى إتيانه بالسحر : إحضار السحرة بين يديه