تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 115 من سورة النحل
هذه الجملة بيان لمضمون جملة { فكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً } [ سورة النحل : 114 ] لتمييز الطيّب من الخبيث ، فإن المذكورات في المحرّمات هي خبائث خُبثاً فطرياً لأن بعضها مفسد لتولد الغذاء لما يشتمل عليه من المضرّة . وتلك هي الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير؛ وبعضها مناففٍ للفطرة وهو ما أهلّ به لغير الله لأنه مناففٍ لشكر المنعم بها ، فالله خلق الأنعام ، والمشركون يذكرون اسم غير الله عليها .
ولإفادة بيان الحلال الطيّب بهذه الجملة جيء فيها بأداة الحصر ، أي ما حرّم عليكم إلا الأربعَ المذكورات ، فبقي ما عداها طيّباً .
وهذا بالنظر إلى الطيِب والخُبث بالذات . وقد يعرض الخبث لبعض المطعومات عرضاً .
ومناسبة هذا التحديد في المحرّمات أن بعض المسلمين كانوا بأرض غُربة وقد يؤكل فيها لحم الخنزير وما أهلّ به لغير الله ، وكان بعضهم ببلد يؤكل فيه الدم وما أهلّ به لغير الله . وقد مضى تفسير نظير هذه الآية في سورة البقرة والأنعام .