تفسير ابن عاشور
تفسير الآية رقم 17 من سورة إبراهيم
والتجرع : تكلف الجَرْع ، والجرع؛ بلع الماء .
ومعنى { يُسيغه } يفعل سوغه في حلقه . والسوغ؛ انحدار الشراب في الحلق بدون غصة ، وذلك إذا كان الشراب غير كريه الطعم ولا الريح ، يقال ساغ الشراب ، وشراب سائغ .
ومعنى { لا يكاد يسيغه } لا يقارب أن يسيغه فضلاً عن أن يسيغه بالفعل ، كما تقدم في قوله تعالى : { وما كادوا يفعلون } في سورة البقرة ( 71 ).
وإتيان الموت : حلوله ، أي حلول آلامه وسكراته ، قال قيس بن الخطيم:
متى يأت هذا الموت لا يلف حاجة ...
لنفسي إلا قد قضيت قضاءها ... بقرينة قوله : { وما هو بميت } ، أي فيستريح .
والكلام على قوله : { ومن وراءه عذاب غليظ } مثل الكلام في قوله : { من ورائه جهنم } ، أي ينتظره عذاب آخر بعد العذاب الذي هو فيه .
والغليظ : حقيقته الخشن الجسم ، وهو مستعمل هنا في القوة والشدة بجامع الوفرة في كل ، أي عذاب ليس بأخف مما هو فيه . وتقدم عند قوله : { ونجيناهم من عذاب غليظ } في سورة هود ( 58 ).