تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 16 من سورة النازعات
القول في تأويل قوله تعالى : إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هل أتاك يا محمد حديث موسى بن عمران، وهل سمعت خبره حين ناجاه ربه بالواد المقدّس، يعني بالمقدّس: المطهر المبارك. وقد ذكرنا أقوال أهل العلم في ذلك فيما مضى، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع، وكذلك بيَّنَّا معنى قوله: ( طُوًى ) وما قال فيه أهل التأويل، غير أنا نذكر بعض ذلك هاهنا.
وقد اختلف أهل التأويل في قوله: ( طُوى ) فقال بعضهم: هو اسم الوادي.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( طُوًى ) اسم الوادي .
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى قال: اسم المقدّس طوى .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ) كنا نحدّث أنه قدّس مرّتين، واسم الوادي طُوًى .
وقال آخرون: بل معنى ذلك: طأ الأرض حافيا.
* ذكر بعض من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى قال: طأ الأرض بقدمك .
وقال آخرون: بل معنى ذلك أن الوادي قدّس طوى: أي مرّتين، وقد بيَّنا ذلك كله ووجوهه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقرأ ذلك الحسن بكسر الطاء، وقال: بُثَّتْ فيه البركة والتقديس مرّتين. حدثنا بذلك أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن عوف، عن الحسن.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة ( طُوًى ) بالضمّ ولم يجرّوه وقرأ ذلك بعض أهل الشأم والكوفة ( طُوًى ) بضمّ الطاء والتنوين.