تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 56 من سورة النجم
وقوله: ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى ) ووصفه إياه بأنه من النذر الأولى وهو آخرهم, فقال بعضهم: معنى ذلك: أنه نذير لقومه, وكانت النذر الذين قبله نُذرا لقومهم, كما يقال: هذا واحد من بني آدم, وواحد من الناس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى ) قال: أنذر محمد صلى الله عليه وسلم كما أنذرت الرسل من قبله.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى) إنما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بما بعث الرسل قبله.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, عن شريك, عن جابر, عن أبي جعفر ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى ) قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون: معنى ذلك غير هذا كله, وقالوا: معناه هذا الذي أنذرتكم به أيها القوم من الوقائع التي ذكرت لكم أني أوقعتها بالأمم قبلكم من النذر التي أنذرتها الأمم قبلكم في صحف إبراهيم وموسى.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد. قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن إسماعيل, عن أبي مالك ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى ) قال: مما أنذروا به قومهم في صحف إبراهيم وموسى.
وهذا الذي ذكرت، عن أبي مالك أشبه بتأويل الآية, وذلك أن الله تعالى ذكره ذكر ذلك في سياق الآيات التي أخبر عنها أنها في صحف إبراهيم وموسى نذير من النُّذر الأولى التي جاءت الأمم قبلكم كما جاءتكم، فقوله ( هَذَا ) بأن تكون إشارة إلى ما تقدمها من الكلام أولى وأشبه منه بغير ذلك.