تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 11 من سورة غافر
وقوله: ( رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) قد أتينا عليه في سورة البقرة, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع, ولكنا نذكر بعض ما قال بعضهم فيه.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) قال: كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم, فأحياهم الله في الدنيا, ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها, ثم أحياهم للبعث يوم القيامة, فهما حياتان وموتتان.
وحُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول فى قوله: ( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) هو قول الله كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ .
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) قال: هو كقوله: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا ... الآية.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص, عن عبد الله, في قوله: ( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) قال: هي كالتي في البقرة وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ .
حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس, قال: ثنا عبثر, قال: ثنا حصين, عن أبي مالك في هذه الآية ( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) قال: خلقتنا ولم نكن شيئا ثم أمتنا, ثم أحييتنا.
حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, عن حصين, عن أبي مالك, في قوله: ( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) قالوا: كانوا أمواتا فأحياهم الله, ثم أماتهم, ثم أحياهم.
وقال آخرون فيه ما حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) قال: أميتوا في الدنيا, ثم أحيوا في قبورهم, فسئلوا أو خوطبوا, ثم أميتوا في قبورهم, ثم أحيوا في الآخرة.
وقال آخرون في ذلك ما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) قال: خلقهم من ظهر آدم حين أخذ عليهم الميثاق, وقرأ: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ فقرأ حتى بلغ الْمُبْطِلُونَ قال: فنساهم الفعل, وأخذ عليهم الميثاق, قال: وانتزع ضلعا من أضلاع آدم القصرى, فخلق منه حواء, ذكره عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, قال: وذلك قول الله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً قال: بث منهما بعد ذلك في الأرحام خلقا كثيرا, وقرأ: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ قال: خلقا بعد ذلك, قال: فلما أخذ عليهم الميثاق, أماتهم ثم خلقهم في الأرحام, ثم أماتهم, ثم أحياهم يوم القيامة, فذلك قول الله: ( رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا ) , وقرأ قول الله: وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا قال: يومئذ, وقرأ قول الله: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا .
وقوله: ( فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا ) يقول: فأقررنا بما عملنا من الذنوب في الدنيا( فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ) يقول: فهل إلى خروج من النار لنا سبيل, لنرجع إلى الدنيا, فنعمل غير الذي كنا نعمل فيها.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ) : فهل إلى كرّة إلى الدنيا.