تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 172 من سورة النساء
القول في تأويل قوله : لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ
يعني جل ثناؤه بقوله: " لن يستنكف المسيح "، لن يأنف ولن يستكبر المسيح=" أن يكون عبدًا لله "، يعني: من أن يكون عبدًا لله، كما:-
10856- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله ولا الملائكة المقربون "، لن يحتشم المسيح أن يكون عبدًا الله ولا الملائكة.
* * *
وأما قوله: " ولا الملائكة المقربون "، فإنه يعني: ولن يستنكف أيضًا من الإقرار لله بالعبودية والإذعان له بذلك، رسلُه " المقربون "، الذين قرَّبهم الله ورفع منازلهم على غيرهم من خلقه.
* * *
وروي عن الضحاك أنه كان يقول في ذلك، ما:-
10857- حدثني به جعفر بن محمد البزوري قال، حدثنا يعلى بن عبيد، عن الأجلح قال: قلت للضحاك: ما " المقربون "؟ قال: أقربهم إلى السماء الثانية. (16)
* * *
القول في تأويل قوله : وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: ومن يتعظّم عن عبادة ربه، ويأنفْ من التذلل والخضوع له بالطاعة من الخلق كلهم، ويستكبر عن ذلك=" فسيحشرهم إليه جميعًا "، يقول: فسيبعثهم يوم القيامة جميعًا، فيجمعهم لموعدهم عنده. (17)
-------------
الهوامش :
(16) الأثر: 10857 -"جعفر بن محمد البزوري" لم أجده بهذه النسبة ، والذي وجدته في تهذيب التهذيب ، ممن يروى عن يعلى بن عبيد"جعفر بن محمد الواسطي الوراق" ، نزيل بغداد مات سنة 265 ، وهو خليق أن يروي عنه أبو جعفر. ثم راجع تاريخ بغداد ، ففي"جعفر بن محمد" كثرة ، ولكن لم أجد بينهم"البزوري". وعسى أن تكشف الأسانيد الآتية عن الذي يعنيه أبو جعفر.
و"الأجلح" ، هو"الأجلح بن عبد الله بن حجية الكندي" ، "أبو حجية" ، قيل اسمه"يحيى" و"الأجلح" لقب. سمع عبد الله بن الهذيل ، وابن بريدة والشعبي ، وعكرمة. روى عنه الثوري ، وابن المبارك. مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 2 / 68.
(17) انظر تفسير"الحشر" فيما سلف 4 : 228 / 6 : 229.