تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 8 من سورة السجدة
(ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) يعني: ذريته (من سلالة)، يقول: من الماء الذي انسل فخرج منه. وإنما يعني من إراقة من مائه، كما قال الشاعر:
فجـاءتْ بِـه عَضْـبَ الأدِيمِ غَضَنْفَرًا
سُـلالَةَ فَـرْجٍ كـانَ غـيرَ حَـصِينِ (5)
وقوله: (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) يقول: من نطفة ضعيفة رقيقة.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) وهو خلق آدم، ثم جعل نسله: أي ذرّيته من سلالة من ماء مهين، والسلالة هي: الماء المهين الضعيف.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن أبي يحيى الأعرج، عن ابن عباس في قوله: (مِنْ سُلالَةٍ) قال: صفو الماء.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) قال: ضعيف نطفة الرجل، ومهين: فعيل من قول القائل: مهن فلان، وذلك إذا زلّ وضعف.
--------------------
الهوامش :
(2) في التاج (شكب): إشكاب؛ لقب الحسين بن إبراهيم بن الحسن بن زعلان العامري، شيخ أبي بكر بن أبي الدنيا.
(3) البيت في (مجاز القرآن لأبي عبيدة الورقة 192 - أ) قال عند تفسير قوله تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه): مجازه: أحسن خلق كل شيء والعرب تفعل هذا، يقدمون ويؤخرون. قال: "وظعني إليك ..." البيت معناه: وظعني حين حضنني الليل إليك. وفي (اللسان: حضن): وحضنا المفازة شقاها، والفلاة: ناحيتاها، وحضنا الليل: جانباه، وحضن الجبل ما يطيق به وحضنا الشيء: جانباه. والهدان بوزن كتاب: الأحمق الجافي الوخم الثقيل في الحرب. وفي حديث عثمان: جبانًا هدانا.
(4) البيت في مجاز القرآن لأبي عبيدة، ( الورقة 192 - أ) عند تفسير قوله تعالى:(أحسن كل شيء خلقه). بعد الشاهد السابق: "وظعني إليك ..." البيت. ثم قال: كأن ثنايا هند وبهجتها. وهو أيضا في "اللسان: دبب": قال: قال الأزهري: وبالخلصاء رمل يقال له: الدباب، وبحذائه دُحْلان كثيرة (بضم الدال) ومنه قول الشاعر :
كَــأَنَّ هِنْــدًا ثَنَايَاهَــا وَبَهْجَتَهَـا
لَمَّــا الْتَقَيْنَـا لَـدَى أدْحَـالِ دَبَّـاب
مَوْلِيَّـةٌ أُنُــفٌ جَـادَ الـرَّبِيعُ بِهَـا
عَـلَى أبَـارِقَ قـدْ هَمَّـتْ بِأَعْشَـابِ
والأدحال والدحلان: جمعا دحل، بالفتح، وهو ثقب ضيق فمه، ثم يتسع أسفله، حتى يمشي فيه.
(5) البيت: (مجاز القرآن لأبي عبيدة الورقة 162 - ب) عند قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) في سورة المؤمنين. (الجزء 18 : 8) فراجعه ثمة.