تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 169 من سورة آل عمران
القول في تأويل قوله جل ثناؤه : وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: " ولا تحسبن "، ولا تظنن. كما:-
8204- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: " ولا تحسبن "، ولا تظنن. (20)
* * *
وقوله: " الذين قتلوا في سبيل الله "، يعني: الذين قتلوا بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم =" أمواتًا "، يقول: ولا تحسبنهم، يا محمد، أمواتًا، لا يحسُّون شيئًا، ولا يلتذُّون ولا يتنعمون، فإنهم أحياء عندي، متنعمون في رزقي، فرحون مسرورون بما آتيتهم من كرامتي وفضلي، وحبَوْتهم به من جزيل ثوابي وعطائي، كما:-
8205- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق = وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن ابن إسحاق = عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير المكي، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تردُ أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش. فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحُسن مَقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا! لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب! (21) فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم. فأنـزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الآيات. (22)
8206- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير بن عبد الحميد = وحدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة = قالا جميعًا: حدثنا محمد بن إسحاق، عن الأعمش، عن أبى الضحى، عن مسروق بن الأجدع قال: سألنا عبدالله بن مسعود عن هذه الآيات: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله " الآية، قال: أما إنا قد سألنا عنها فقيل لنا: إنه لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله أرواحَهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فيطَّلع الله إليهم اطِّلاعةً فيقول: يا عبادي، ما تشتهون فأزيدكم؟ فيقولون: ربنا، لا فوق ما أعطيتنا! الجنة نأكل منها حيث شئنا! (23) ثلاث مرات - ثم يطلع فيقول: يا عبادي، ما تشتهون فأزيدكم؟ فيقولون: رّبنا، لا فوق ما أعطيتنا! الجنة نأكل منها حيث شئنا! إلا أنا نختار أن تُردّ أرواحنا في أجسادنا، (24) ثم تردَّنا إلى الدنيا فنقاتل فيك حتى نقتل فيك مرة أخرى ". (25) .
8207- حدثنا الحسن بن يحيى المقدسي قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: سألنا عبدالله عن هذه الآية = ثم ذكر نحوه وزاد فيه: إني قد قضيت أن لا ترجعوا. (26) .
8208- حدثنا ابن المثني قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن عبدالله بن مرة، عن مسروق قال: سألنا عبدالله عن أرواح الشهداء، ولولا عبدالله ما أخبرنا به أحدٌ! قال: أرواح الشهداء عند الله في أجواف طير خضر في قناديل تحت العرش، تسرحُ في الجنة حيث شاءت، ثم ترجع إلى قناديلها، فيطَّلع إليها ربُّها، فيقول: ماذا تريدون؟ فيقولون: نريد أن نرجع إلى الدنيا فنقتل مرة أخرى. (27)
8209- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان وعبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء على بارق = على نهر بباب الجنة = في قبة خضراء = وقال عبدة: " في روضة خضراء = يخرج عليهم رزقهم من الجنةُ بكرة وعشيًّا ". (28)
8210- حدثنا أبو كريب، وأنبأنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني الحارث بن فضيل، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله = إلا أنه قال: في قبة خضراء = وقال: يخرج عليهم فيها.
8211- حدثنا ابن وكيع، وأنبأنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني الحارث بن فضيل، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
8212- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال محمد بن إسحاق، وحدثني الحارث بن الفضيل الأنصاري، عن محمود بن لبيد الأنصاري، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء على بارق = نهر بباب الجنة = في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيًّا.
8213- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني أيضًا = يعني إسماعيل بن عياش = عن ابن إسحاق، عن الحارث بن الفضيل، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. (29)
8214- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال محمد بن إسحاق، وحدثني بعض أصحابي عن عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال: سمعت جابر بن عبدالله يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أبشرك يا جابر؟ قال قلت: بلى، يا رسول الله! قال: إن أباك حيث أصيب بأحد، أحياه الله ثم قال له: ما تحب يا عبدالله بن عمرو أن أفعل بك؟ قال: يا رب، أحب أن تردَّني إلى الدنيا، فأقاتل فيك فأقتل مرة أخرى ". (30) .
8215- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ذكر لنا أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا ليتنا نعلم ما فعل إخواننا الذين قتلوا يوم أحد! فأنـزل الله تبارك وتعالى في ذلك القرآن: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون " = كنا نحدَّث أن أرواح الشهداء تَعارَف في طير بيض تأكل من ثمار الجنة، وأنّ مساكنهم السِّدرة. (31) .
8216- حدثت عن عمار، وأنبأنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بنحوه = إلا أنه قال: تعارف في طير خضر وبيض = وزاد فيه أيضًا: وذكر لنا عن بعضهم في قوله: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء "، قال: هم قتلى بدر وأحد.
8217- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن محمد بن قيس بن مخرمة قال: قالوا: يا رب، ألا رسول لنا يخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم عنا بما أعطيتنا؟ فقال الله تبارك وتعالى: أنا رسولكم، فأمر جبريل عليه السلام أن يأتي بهذه الآية: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله "، الآيتين.
8218- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن الأعمش، عن عبدالله بن مرة، عن مسروق قال: سألنا عبدالله عن هذه الآيات: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون "، قال: أرواح الشهداء عند الله كطير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح في الجنة حيث شاءت. قال: فاطلع إليهم ربك اطِّلاعة فقال: هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ قالوا: ربنا، ألسنا نسرح في الجنة في أيِّها شئنا! ثم اطَّلع عليهم الثالثة فقال: هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ قالوا: تعيد أرواحنا في أجسادنا فنقاتل في سبيلك مرة أخرى! فسكت عنهم. (32)
8219- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبيدة، عن عبدالله: أنهم قالوا في الثالثة = حين قال لهم: هل تشتهون من شيء فأزيدكموه؟ = قالوا: تقرئ نبينا عنا السلام، وتخبره أن قد رضينا ورُضيَ عنا. (33)
8220- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، يرغِّب المؤمنين في ثواب الجنة ويهوِّن عليهم القتل: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون "، أي: قد أحييتهم، فهم عندي يرزقون في رَوْح الجنة وفضلها، مسرورين بما آتاهم الله من ثوابه على جهادهم عنه. (34)
8221- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك قال: كان المسلمون يسألون ربهم أن يريهم يومًا كيوم بدر، يبلون فيه خيرًا، يرزقون فيه الشهادة، ويرزقون فيه الجنة والحياة في الرزق، فلقوا المشركين يوم أحد، فاتخذ الله منهم شهداء، وهم الذين ذكرهم الله فقال: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا " الآية.
8222- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: ذكر الشهداء فقال: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم " إلى قوله: وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ، زَعم أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر، (35) في قناديل من ذهب معلقة بالعرش، فهي ترعى بُكرة وعشية في الجنة، تبيت في القناديل، فإذا سرحن نادى مناد: ماذا تريدون؟ ماذا تشتهون؟ فيقولون: ربنا، نحن فيما اشتهت أنفسنا! فيسألهم ربهم أيضًا: ماذا تشتهون؟ وماذا تريدون؟ فيقولون: نحن فيما اشتهت أنفسنا! فيسألون الثالثة، فيقولون ما قالوا: ولكنا نحب أن تردَّ أرواحنا في أجسادنا! لما يرون من فضل الثواب. (36)
8223- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا عباد قال، حدثنا إبراهيم بن معمر، عن الحسن قال:، ما زال ابن آدم يتحمَّد (37) حتى صار حيًّا ما يموت. ثم تلا هذه الآية: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون ".
8224- حدثنا محمد بن مرزوق قال، حدثنا عمر بن يونس، عن عكرمة قال، حدثنا إسحاق بن أبي طلحة قال، حدثني أنس بن مالك في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين أرسلهم نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل بئر معونة، قال: لا أدري أربعين أو سبعين. قال: وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري، فخرج أولئك النفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتوا غارًا مشرفًا على الماء قعدوا فيه، ثم قال بعضهم لبعض: أيكم يبلِّغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذا الماء؟ فقال -أُراه أبو ملحان الأنصاري-: أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فخرج حتى أتى حيًّا منهم، فاحتبى أمام البيوت ثم قال: يا أهل بئر معونة، إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا عبده ورسوله، فآمنوا بالله ورسوله. فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح، فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر، (38) فقال: الله أكبر، فزتُ ورب الكعبة! فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه، فقتلهم أجمعين عامر بن الطفيل (39) = قال: قال إسحاق: حدثني أنس بن مالك: إنّ الله تعالى أنـزل فيهم قرآنًا، رُفع بعد ما قرأناه زمانًا. (40) وأنـزل الله: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون ". (41) .
8225- حدثنا يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: لما أصيب الذين أصيبوا يوم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لقوا ربَّهم، فأكرمهم، فأصابوا الحياة والشهادة والرزق الطيب، قالوا: يا ليت بيننا وبين إخواننا من يبلغهم أنا لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا! فقال الله تبارك وتعالى: أنا رسولكم إلى نبيكم وإخوانكم. فأنـزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون " إلى قوله: وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ . فهذا النبأ الذي بلَّغ الله رسوله والمؤمنين ما قال الشهداء.
* * *
وفي نصب قوله: " فرحين " وجهان.
أحدهما: أن يكون منصوبًا على الخروج من قوله: " عند ربهم ". (42) والآخر من قوله: " يرزقون ". ولو كان رفعًا بالردّ على قوله: " بل أحياء فرحون "، كان جائزًا.
---------------
الهوامش :
(20) الأثر: 8204- سيرة ابن هشام 3: 126 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها: 8199.
(21) نكل عن عدوه: جبن فنكص على عقبيه ، وانصرف عنه هيبة له وخوفًا.
(22) الحديث: 8205- أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، وهو تابعي ثقة ، مضى مرارًا. وقيل إنه لم يسمع من ابن عباس ، ففي المراسيل لابن أبي حاتم ، ص: 71 ، عن ابن عيينة: "يقولون: ابن المكي لم يسمع من ابن عباس". وفيه أيضًا: "سمعت أبي يقول: رأى ابن عباس رؤية".
والحديث رواه أحمد في المسند: 2388 ، عن يعقوب ، وهو ابن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق ، بهذا الإسناد. ثم رواه عقبة: 2389 ، "نحوه" ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن عبد الله بن إدريس ، عن ابن إسحاق ، به. وزاد في الإسناد"عن سعيد بن جبير" ، بين أبي الزبير وابن عباس.
وكذلك رواه أبو داود في السنن: 2520 ، عن عثمان بن أبي شيبة ، به. وكذلك رواه الحاكم في المستدرك 2: 297 - 298 ، من طريق عثمان بن أبي شيبة. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي.
وذكره ابن كثير 2: 290 - 291 ، من رواية المسند الأولى ، وأشار إلى رواية الطبري هذه ، ثم إلى زيادة سعيد بن جبير في الإسناد ، عند أبي داود والحاكم ، ثم قال: "وهذا أثبت. وكذا رواه سفيان الثوري ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس".
وذكره السيوطي 2: 95 ، وزاد نسبته إلى هناد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والبيهقي في الدلائل. وقوله: "وحسن مقيلهم" - في المسند: "منقلبهم". ومعناها صحيح أيضًا. ولكن وجدت بعد ذلك في مخطوطة الرياض من المسند (المصور عندي) نسخة أخرى بهامشها"مقيلهم". وهي أصح وأجود. وهي الموافقة لما في ابن كثير نقلا عن المسند ، والموافقة لروايتي أبي داود والحاكم. ويؤيد صحتها أنها الموافقة لألفاظ الكتاب العزيز. قال الله تعالى: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرًا وأحسن مقيلا) [سورة الفرقان: 24].
وانظر ما يأتي من حديث ابن مسعود: 8206 - 8208 ، 8218 ، 8219. وما يأتي من حديث ابن عباس: 8209 - 8213.
(23) قوله: "لا فوق ما أعطيتنا" ، أي لا شيء فوق ذلك. و"الجنة" قال أبو ذر الخشني: "يروى هنا بالخفض والرفع ، بخفض الجنة ، على البدل من"ما" في قوله: ما أعطيتنا - ورفعها على خبر مبتدأ مضمر ، تقديرها هو الجنة". وجائز أن تكون على النصب أيضًا ، على تقدير"أعطيتنا الجنة".
(24) في المطبوعة: إلا أنا نختار أن ترد أرواحنا. . ." ، وفي المخطوطة: "إلا أنا نختار ترد أرواحنا" ، وهو تصحيف ما في سيرة ابن هشام"نحب أن ترد" ، فأثبت ما في السيرة ، وفي رواية مسلم"إلا أنا نريد أن ترد" ، وهما سواء.
(25) الحديث: 8206- أبو الضحى: هو مسلم بن صبيح -بالتصغير- الهمداني. مضى الكلام عليه مرارًا ، آخرها: 7217. والحديث سيأتي عقب هذا ، من رواية الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق. ويأتي بعده: 8208 ، من رواية سليمان -وهو الأعمش- عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق. فللأعمش فيه شيخان. سمعه منهما عن مسروق. وسيأتي تخريجه في الأخير.
(26) الحديث: 8207- الحسن بن أبي يحيى المقدسي ، شيخ الطبري: لم أصل إلى الآن إلى معرفته. وقد مضى كذلك من قبل في: 7216. ووقع اسمه في المطبوعة هنا: "الحسن بن يحيى العبدي". والتصويب من المخطوطة. ومن السهل جدًا على الناسخ أو الطابع سقوط كلمة"أبي" ، وتحريف كلمة"المقدسي" إلى"العبدي" إذا كانت غير واضحة الرسم. وهذا الحديث تكرار للذي قبله من هذا الوجه ، كما قلنا.
(27) الحديث: 8208- سليمان: هو ابن مهران الأعمش. والحديث مكرر ما قبله باختصار ، من وجه آخر ، من رواية الأعمش عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق.
وعبد الله بن مرة الهمداني الخارفي: تابعي ثقة ، أخرج له الجماعة. مترجم في التهذيب ، وابن سعد 6: 203 ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 165. والحديث رواه مسلم 2: 98 ، بأسانيد ، من طريق الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، به نحوه - أطول مما هنا.
وكذلك رواه الترمذي 4: 84 - 85 ، من رواية الأعمش ، عن عبد الله بن مرة. ونقله ابن كثير 2: 289 ، عن صحيح مسلم. وذكره السيوطي 2: 96 ، وزاد نسبته لعبد الرزاق في المصنف ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وهناد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والبيهقي في الدلائل. ولم يروه أحمد في المسند ، فيما تحقق لدي ، إلا أن يكون أثناء مسند صحابي آخر فيما بعد المسانيد التي حققتها. فالله أعلم. وسيأتي مرة رابعة: 8218 ، من رواية عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله - وهو ابن مسعود ويأتي مرة خامسة: 8219 ، من رواية أبي عبيد بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه.
(28) الحديث: 8209- سبق هذا الحديث ، بهذا إسناد: 2323. وفصلنا القول فيه هناك. وسيأتي عقبه - هنا - بأربعة أسانيد.
(29) الأحاديث: 8210 - 8213 ، هي أربعة أسانيد ، تكرارًا للحديث قلبها.
(30) الحديث: 8214- هكذا روى ابن إسحاق هذا الحديث مجهلا شيخه الذي حدثه ، فأضعف الإسناد بذلك. وهو في سيرة ابن هشام 3: 127. وقد ورد معناه عن جابر ، بإسناد آخر صحيح:
فروى أحمد في المسند: 14938 (ج3 ص 361 حلبي) ، عن علي بن المديني ، عن سفيان - وهو ابن عيينة - عن محمد بن علي بن رُبَيِّعة -بالتصغير- السُّلَمي ، عن عبد الله بن محمد بن عُقيل ، عن جابر ، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جابر ، أمَا علمتَ أن الله عز وجل أحيا أباك ، فقال له: تَمَنَّ عليَّ. فقال: أُرَدُّ إلى الدنيا ، فأُقتَل مرة أخرى. فقال: إني قَضَيْتُ الحكمَ ، أنهم إليها لا يُرْجَعون". وهذا إسناد صحيح. محمد بن علي بن ربيعة السلمي: ثقة ، وثقه ابن معين ، وغيره ، وترجمه ابن أبي حاتم 4 / 1 / 26 - 27. وترجمه البخاري في الكبير 1 / 1 / 183 - 184 باسم"محمد بن علي السلمي". وكذلك ابن سعد في الطبقات 6: 257 - فلم يذكروا فيه جرحًا.
والحديث ذكره ابن كثير 2: 289 من رواية المسند. ثم قال: "تفرد به أحمد من هذا الوجه". يشير بهذا إلى أن الترمذي روى معناه مطولا 4: 84 ، من وجه آخر ، وقال: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه". ثم قال: "وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر - شيئًا من هذا". وهو إشارة إلى حديث المسند.
وقد ذكر السيوطي الرواية المطولة 2: 95 ، ونسبها أيضًا لابن ماجه ، وابن أبي عاصم في السنة ، وابن خزيمة والطبراني ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل. وانظر المستدرك 3: 203 - 204 ووالد جابر: هو عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري ، الخزرجي ، السلمي ، صحابي جليل مشهور ، من أهل العقبة ، وممن شهد بدرًا ، وكان من النقباء. استشهد يوم أحد ، رضي الله عنه.
(31) الأثر: 8215- مضى مطولا برقم: 2319.
(32) الحديث: 8218- هذا هو الإسناد الرابع لحديث عبد الله بن مسعود ، الذي مضى بثلاثة أسانيد: 8206 - 8208.
رواه هنا من طريق عبد الرزاق. وهو في مصنف عبد الرزاق 3: 115 (مخطوط مصور). بهذا الإسناد وهذا اللفظ. ولكن ليس في نسخة المصنف كلمة"خضر" في وصف الطير. وقوله: "ثم اطلع عليهم الثالثة" - هكذا ثبت أيضا في المصنف ، بحذف الاطلاعة الثانية. فليس ما هنا سقطًا من الناسخين ، بل هو اختصار في الرواية.
(33) الحديث: 8219- هذا هو الإسناد الخامس لحديث عبد الله بن مسعود. وهو من رواية ابنه أبي عبيدة عنه. وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود: تابعي ثقة. الراجح أن اسمه كنيته. وقيل إن اسمه"عامر". وبه ترجم في التهذيب ، وترجمه ابن سعد 6: 149 بالكنية. وكذلك ترجمه البخاري في الكنى ، رقم: 447 ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 403.
وروايته عن أبيه منقطعة ، مات أبوه وهو صغير. وجزم أبو حاتم وغيره بأنه لم يسمع منه ، انظر المراسيل ، ص: 91 - 92. وروى الترمذي (1: 26 بشرحنا) ، بإسناد صحيح ، عن عمرو بن مرة ، قال ، "سألت أبا عبيدة بن عبد الله: هل تذكر من عبد الله شيئًا؟ قال: "لا".
والحديث -من هذا الوجه- رواه الترمذي ، عن ابن أبي عمر ، عن سفيان ، وهو ابن عيينة - بهذا الإسناد. ولم يذكر لفظه ، بل جعله تابعًا لرواية الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، كمثل صنيع الطبري هنا ، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن".
وقوله: "ورضي عنا": هو بالبناء لما لم يسم فاعله. أي: ورضى الله عنا. كما هو ظاهر من السياق ، وكما نص عليه شارح الترمذي.
(34) الأثر: 8220- سيرة ابن هشام 3: 126 ، وهو تمام الآثار التي آخرها: 8204.
(35) قوله: "زعم" ، لا يراد به القول الباطل ، بل يراد به القول الحق ، والزعم: هو القول ، يكون تاره حقًا ، وتارة باطلا ، وفي شعر أمية بن أبي الصلت: وَإنِّـــي أَذِيـــنٌ لَكُـــمْ أَنَــهُ
سَــيُنْجِزُكُمْ رَبُّكُــمْ مــا زَعَــمْ
أي: ما قال وما وعد.
(36) في المطبوعة: "لما يرون من فضل للثواب" ، وأثبت ما في المخطوطة.
(37) "تحمد الرجل يتحمد" ، إذا طلب بفعله الحمد ، و"فلان يتحمد إلى الناس بفعله" ، أي يلتمس بذلك حمدهم.
(38) البيت: يعني الخيمة. وكسر البيت (بكسر الكاف وسكون السين): أسفل شقة البيت التي تلي الأرض من حيث يكسر جانباه من عن يمين ويسار.
(39) في المخطوطة: "فقتلوهم أجمعين" ، والصواب من التاريخ وسائر المراجع.
(40) نص ما في التاريخ: "أَنزَل فيهم قرآنًا: { " بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِىَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ " } ، ثم نسخت فرفعت بعدما قرأناه زمانا ".
(41) الحديث: 8224- محمد بن مرزوق - شيخ الطبري - هو محمد بن محمد بن مرزوق ، نسب إلى جده. وقد مضت له عنه رواية ، برقم: 28. مترجم في التهذيب. وله ترجمة جيدة في تاريخ بغداد 3: 199 - 200 ، وترجمه ابن أبي حاتم 4 / 1 / 89 - 90 باسم"محمد بن مرزوق".
عمر بن يونس اليمامي: مضى في: 4435. ووقع في الأصول هنا باسم"عمرو بن يونس" ، وكذلك في تاريخ الطبري في هذا الحديث ، وكذلك في تفسير ابن كثير ، في نقله الحديث عن هذا الموضع. ولعل الخطأ في هذا يكون من الطبري نفسه ، إذ يبعد أن يخطئ الناسخون في هذه المصادر الثلاثة خطأ واحدًا. وليس في الرواة - فيما أعلم - من يسمى"عمرو بن يونس". ووقع في الإسناد هنا - في التفسير - خطأ آخر. في المخطوطة والمطبوعة ، إذ سقط من الإسناد [عن عكرمة] بين عمر بن يونس وإسحاق بن أبي طلحة. وهو ثابت في التاريخ وتفسير ابن كثير. وعكرمة هذا: هو عكرمة بن عمار اليمامي ، مضت ترجمته في: 2185. وعمر بن يونس معروف بالرواية عنه. ولم يدرك أن يروى عن"عكرمة مولى ابن عباس". إسحاق بن أبي طلحة: هو إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري البخاري. نسب إلى جده. وهو تابعي ثقة حجة ، أخرج له الجماعة. مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 1 / 1 / 393 - 394 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 226. وأبوه"أبو طلحة": هو"زيد بن سهل" ، وهو أخو أنس بن مالك لأمه.
وهذا الحديث رواه الطبري أيضًا في التاريخ 3: 36 ، بهذا الإسناد.
ونقله ابن كثير في التفسير 2: 288 ، عن هذا الموضع من التفسير.
وأشار إليه الحافظ في الفتح 7: 298 ، حيث قال: "في رواية الطبري من طريق عكرمة بن عمار ، عن إسحاق بن أبي طلحة. . ." ولكن وقع فيه"عكرمة عن عمار" - وهو خطأ مطبعي واضح.
ووقع في أصل الطبري هنا -المخطوط والمطبوع-: "فقال أراه أبو ملحان". وكذلك في نقل ابن كثير عن هذا الموضع. وهو خطأ قديم من الناسخين ، صوابه: "ابن ملحان". وثبت على الصواب في التاريخ ، ومنه صححناه.
وهو"حرام بن ملحان الأنصاري" ، وهو خال أنس بن مالك ، أخو أمه"أم سليم بنت ملحان". ولا نعلم أن كنيته"أبو ملحان" - حتى نظن أنه ذكر هنا بكنيته. وهو مترجم في ابن سعد 3 / 2 / 71 - 72 ، والإصابة.
وهذا الحديث - في قصة بئر معونة - ثابت عن أنس بن مالك من أوجه ، مختصرًا ومطولا.
وقد رواه أحمد في المسند: 13228 ، عن عبد الصمد ، و: 14119 ، عن عفان - كلاهما عن همام ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس (المسند ج3 ص 210 ، 288 - 289 حلبي). ورواه أيضا: 12429 (3: 137 حلبي) ، من رواية ثابت ، عن أنس.
ورواه البخاري 7: 297 - 299 ، عن موسى بن إسماعيل ، عن همام ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة" ورواه قبله وبعده من أوجه أخر.
ورواه ابن سعد في الطبقات 3 / 2 / 71 - 72 ، عن عفان ، كرواية المسند: 14119. وقد مضى بعض معناه مختصرًا ، في تفسير الطبري: 1769 ، من رواية قتادة ، عن أنس. وتفصيل القصة في تاريخ ابن كثير 4: 71 - 74. وانظر أيضًا جوامع السيرة لابن حزم ، ص: 178- 180 ، وما أشير إليه من المراجع في التعليق عليه هناك. وروى أحمد في المسند ، بعض هذا المعنى ، من حديث ابن مسعود: 3952.
(42) "الخروج" ، نصبها على الخروج ، يعني على خروجها منه على الحال. انظر ما سلف 5: 253 / ثم 6: 586 / 7: 25 ، تعليق: 3. ثم انظر معاني القرآن للفراء 1: 247.