تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 41 من سورة الفرقان
يقول تعالى ذكره: ولقد أتى هؤلاء الذين اتخذوا القرآن مهجورا على القرية التي أمطرها الله مطر السوء وهي سدوم, قرية قوم لوط. ومطر السوء: هو الحجارة التي أمطرها الله عليهم فأهلكهم بها. كما:
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج ( وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ ) قال: حجارة, وهي قرية قوم لوط, واسمها سدوم. قال ابن عباس: خمس قرَّيات, فأهلك الله أربعة, وبقيت الخامسة, واسمها صعوة. لم تهلك صعوة، كان أهلها لا يعملون ذلك العمل, وكانت سدوم أعظمها, وهي التي نـزل بها لوط, ومنها بعث، وكان إبراهيم صلى الله عليه وسلم ينادي نصيحة لهم: يا سدوم, يوم لكم من الله, أنهاكم أن تعرضوا لعقوبة الله, زعموا أن لوطا ابن أخي إبراهيم صلوات الله عليهما.
وقوله: ( أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا ) يقول جلّ ثناؤه: أو لم يكن هؤلاء المشركون الذين قد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء يرون تلك القرية, وما نـزل بها من عذاب الله بتكذيب أهلها رسلهم, فيعتبروا ويتذكروا, فيراجعوا التوبة من كفرهم وتكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم ( بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا ) يقول تعالى ذكره: ما كذّبوا محمدا فيما جاءهم به من عند الله, لأنهم لم يكونوا رأوا ما حلّ بالقرية التي وصفت, ولكنهم كذّبوه من أجل أنهم قوم لا يخافون نشورًا بعد الممات, يعني أنهم لا يوقنون بالعقاب والثواب, ولا يؤمنون بقيام الساعة, فيردعهم ذلك عما يأتون من معاصي الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج ( أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا ) بعثا.