تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 61 من سورة الأنبياء
وقوله ( فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) يقول تعالى ذكره : قال قوم إبراهيم بعضهم لبعض: فأتوا بالذي فعل هذا بآلهتنا الذي سمعتموه يذكرها بعيب ويسبها ويذمها على أعين الناس؛ فقيل: معنى ذلك: على رءوس الناس. وقال بعضهم: معناه: بأعين الناس ومرأى منهم، وقالوا: إنما أريد بذلك أظهروا الذي فعل ذلك للناس كما تقول العرب إذا ظهر الأمر وشهر: كان ذلك على أعين الناس، يراد به كان بأيدي الناس.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) فقال بعضهم : معناه : لعلّ الناس يشهدون عليه، أنه الذي فعل ذلك، فتكون شهادتهم عليه حجة لنا عليه، وقالوا إنما فعلوا ذلك لأنهم كرهوا أن يأخذوه بغير بينة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) عليه أنه فعل ذلك.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) قال: كرهوا أن يأخذوه بغير بيِّنة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لعلهم يشهدون ما يعاقبونه به، فيعاينونه ويرونه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: بلغ ما فعل إبراهيم بآلهة قومه نمرود، وأشراف قومه، فقالوا: ( فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) : أي ما يُصْنع به، وأظهر معنى ذلك أنهم قالوا: فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون عقوبتنا إياه، لأنه لو أريد بذلك ليشهدوا عليه بفعله كان يقال: انظروا من شهده يفعل ذلك، ولم يقل: أحضروه بمجمع من الناس.