تفسير الطبري
تفسير الآية رقم 203 من سورة البقرة
القول في تأويل قوله تعالى : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ
قال أبو جعفر: يعني جَلّ ذكره: اذكروا الله بالتوحيد والتعظيم في أيام مُحصَيات، وهي أيام رَمي الجمار. أمر عباده يومئذ بالتكبير أدبارَ الصلوات، وعند الرمي مع كل حصاة من حَصى الجمار يرمي بها جَمرةً من الجمار.
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل:
* ذكر من قال ذلك:
3886 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: " واذكروا الله في أيام معدودات "، قال: أيام التشريق.
3887 - حدثني محمد بن نافع البصري، قال: حدثنا غندر: قال: حدثنا شعبة، عن هشيم، عن أبى بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله. (1)
3888 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " واذكروا الله في أيام معدودات "، يعني الأيام المعدودات أيامَ التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد النحر.
3889 - وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " واذكروا الله في أيام معدودات "، يعني أيام التشريق.
3890 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.
3891 - وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا مخلد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس: سمعه يوم الصَّدَر يَقول بعد ما صدر يُكبر في المسجد ويتأول: " واذكروا الله في أيام مَعدودات ".
3892 - حدثنا علي بن داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " واذكروا الله في أيام معدودات "، يعني أيام التشريق.
3893 - حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح في قول الله عز وجل: " واذكروا الله في أيام معدودات "، قال: هي أيام التشريق.
3894 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثني أبي، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، مثله.
3895 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: " واذكروا الله في أيام معدودات "، قال أيام التشريق بمنى.
3896 - حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهد وعطاء قالا هي أيام التشريق.
3897 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
3898 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، مثله.
3899 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: الأيام المعدودات: أيام التشريق.
3900 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، مثله.
3901 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، قال: الأيام المعدودات: الأيام بعد النحر.
3902 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: سألت إسماعيل بن أبي خالد عن " الأيام المعدودات "، قال: أيام التشريق.
3903 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، فقال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " واذكروا الله في أيام معدودات "، كنا نُحدَّث أنها أيام التشريق.
3904 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " واذكروا الله في أيام معدودات "، قال: هي أيام التشريق.
3905 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " أما الأيام المعدوداتُ" : فهي أيام التشريق.
3906 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله.
3907 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، عن مالك، قال: " الأيام المعدودات "، ثلاثة أيامٍ بعد يوم النحر.
3908 - حدثت عن حسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: " في أيام معدودات " قال: أيام التشريق الثلاثة.
3910 - حدثني ابن البرقي، قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سألت ابن زيد عن " الأيام المعدودات " و " الأيام المعلومات "، فقال: " الأيام المعدودات " أيام التشريق،" والأيام المعلومات "، يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق.
* * *
وإنما قلنا: إنّ" الأيام المعدودات "، هي أيام منى وأيام رمي الجمار لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول فيها: إنها أيام ذكر الله عز وجل.
* ذكر الأخبار التي رويت بذلك:
3911 - حدثني يعقوب بن إبراهيم وخلاد بن أسلم، قال: حدثنا هشيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيام التشريق أيام طُعْمٍ وذِكْر ". (2)
3912 - حدثنا خلاد، قال: حدثنا روح، قال: حدثنا صالح، قال: حدثني ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعثَ عبد الله بن حُذافة يطوف في منى: " لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ". (3)
3912م - وحدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا بشر بن المفضل= وحدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية= قالا جميعًا، حدثنا خالد، عن أبي قلابة، عن أبي المليح، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله.
3913 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عائشة، قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق وقال: هي أيام أكل وشرب وذكر الله. (4)
3914 - حدثني يعقوب، قال: حدثني هشيم، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عمرو بن دينار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعث بشر بن سُحَيم، فنادى في أيام التشريق، فقال: إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله. (5)
3915 - حدثني يعقوب. قال: حدثنا هشيم، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة بن قيس فنادى في أيام التشريق فقال: " إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله، إلا من كان عليه صومٌ من هَدْي". (6)
3916 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، عن محمد بن إسحاق، عن حكيم بن حكيم، عن مسعود بن الحكم الزُّرَقي، عن أمه قالت: لكأني أنظر إلى عليٍّ رضي الله عنه على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء حين وقف على شِعْب الأنصار وهو يقول: " أيها الناس إنها ليست بأيام صيام، إنما هي أيام أكل وشرب وذكر ". (7)
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال في أيام منى: إنها أيام أكل وشرب وذكر الله، لم يخبر أمَّته أنها " الأيام المعدودات " التي ذكرها الله في كتابه، فما تنكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم عنى بقوله: " وذكْر الله "،" الأيامَ المعلومات "؟
قيل: غير جائز أن يكون عنى ذلك. لأن الله لم يكن يُوجب في" الأيام المعلومات " من ذكره فيها ما أوجبَ في" الأيام المعدودات ". وإنما وصف " المعلومات " جل ذكره بأنها أيام يذكر فيها اسم الله على بهائم الأنعام، فقال: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ [الحج: 28]، فلم يوجب في" الأيام المعلومات " من ذكره كالذي أوجبه في" الأيام المعدودات " من ذكره، بل أخبر أنها أيام ذكره علىَ بهائم الأنعام. فكان معلومًا= إذ قال صلى الله عليه وسلم لأيام التشريق: " إنها أيام أكل وشرب وذكر الله " فأخرج قوله: " وذكر الله " مطلقًا بغير شرط، ولا إضافة، إلى أنه الذكر على بهائم الأنعام = أنه عنى بذلك الذكر الذي ذكره الله في كتابه، فأوجبه على عباده مطلقًا بغير شرط ولا إضافة إلى معنى في" الأيام المعدودات "، وأنه لو كان أراد بذلك صلى الله عليه وسلم وصف " الأيام المعلومات " به، لوصل قوله: " وذكر "، إلى أنه ذكر الله على ما رزقهم من بهائم الأنعام، كالذي وصف الله به ذلك، ولكنه أطلق ذلك باسم الذكر من غير وصله بشيء، كالذي أطلقه تبارك وتعالى باسم الذكر، فقال: " واذكروا الله في أيام معدودات " فكان ذلك من أوضح الدليل على أنه عنى بذلك ما ذكره الله في كتابه وأوجبه في" الأيام المعدودات ".
* * *
القول في تأويل قوله تعالى : فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك:
فقال بعضهم: معناه: فمن تعجل في يَومين من أيام التشريق فنفر في اليوم الثاني فلا إثم عليه في نَفْره وتعجله في النفر، ومن تأخر عن النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق إلى اليوم الثالث حتى ينفر في اليوم الثالث فلا إثم عليه في تأخره.
* ذكر من قال ذلك.
3917 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا هشيم، عن عطاء، قال: لا إثم عليه في تعجيله، ولا إثم عليه في تأخيره.
3918 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال. حدثنا هشيم، عن عوف، عن الحسن، مثله.
3919 - حدثنا أحمد، قال. حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا هشيم، عن مغيره، عن عكرمة، مثله.
3920 - حدثني محمد بن عمرو، قال. حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " فمن تعجَّل في يومين "، يوم النَّفر،" فلا إثم عليه "، لا حرج عليه،" ومن تأخر فلا إثم عليه ".
3921 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: أما: " من تعجَّل في يومين فلا إثم عليه "، يقول: من نَفَر في يومين فلا جُناح عليه، ومن تأخر فنفر في الثالث فلا جناح عليه.
3922 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " فمن تعجَّل في يومين "، يقول: فمن تعجَّل في يومين- أي: من أيام التشريق=" فلا إثم عليه "، ومن أدركه الليل بمنى من اليوم الثاني من قبل أن ينفر، فلا نَفْر له حتى تزول الشمس من الغد=" ومن تأخر فلا إثم عليه "، يقول: من تأخر إلى اليوم الثالث من أيام التشريق فلا إثم عليه.
3923 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال. أخبرنا عبد الرزاق، قال. أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " فمن تعجَّل في يومين فلا إثم عليه "، قال: رخَّص الله في أن ينفروا في يومين منها إن شاءوا، ومن تأخر في اليوم الثالث فلا إثم عليه.
3924 - حدثني محمد بن المثنى، قال. حدثنا محمد بن جعفر، قال. حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم أنه قال في هذه الآية: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه "، قال في تعجيله.
3925 - حدثني هناد بن السريّ، قال: حدثنا ابن أبى زائدة، قال: حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم قال: " لا إثم عليه "، لا إثم على من تعجل، ولا إثم على من تأخر.
3926 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، قال: هذا في التعجيل.
3927 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا شريك وإسرائيل، عن زيد بن جبير، قال: سمعت ابن عمر يقول: حلَّ النَّفر في يومين لمن اتقى.
3928 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: " فمن تجعل في يومين فلا إثم عليه " في تعجله،" ومن تأخر فلا إثم عليه " في تأخره.
3929 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أللمكي أن ينفر في النفْر الأول؟ قال: نعم، قال الله عز وجل: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه "، فهي للناس أجمعين.
3930 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه "، قال: ليس عليه إثم
3931 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " فمن تعجل في يومين " بعد يوم النحر،" فلا إثم عليه "، بقول: من نَفَر من منى في يومين بعد النحر فلا إثم عليه،" ومن تأخر فلا إثم عليه " في تأخره، فلا حرج عليه. (8)
3932 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " في تعجله،" ومن تأخر فلا إثم عليه " في تأخره.
* * *
وقال آخرون: بل معناه: فمن تعجل في يومين فهو مغفور له لا إثم عليه، ومن تأخر كذلك.
* ذكر من قال ذلك:
3933 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن ثوير، عن أبيه، عن عبد الله: " فمن تعجَّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "، قال: ليس عليه إثم.
3934 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه "، أي غفر له " ومن تأخر فلا إثم عليه "، قال: غُفر له.
3935 - حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا مسعر، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه "، أي غفر له.
3936 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا المحاربي= وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد= جميعًا، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله في قوله: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "، قال: قد غُفر له.
3937 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم في قوله: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "، قد غفر له.
3938 - حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله قال في هذه الآية: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه " قال: برئ من الإثم.
3939 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن ابن عمر: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " قال: رجع مغفورًا له.
3940 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، عن ليث، عن مجاهد في قوله: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عَليه ومن تأخر فلا إثم عليه "، قال: قد غفر له.
3941 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن جابر، عن أبي عبد الله، عن ابن عباس: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه "، قال: قد غفر له، إنهم يتأولونها على غير تأويلها، إن العمرة لتكفِّر ما معها من الذنوب فكيف بالحج!.
3942 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن إبراهيم وعامر: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "، قالا غفر له.
3943 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: حدثني من أصدقه، عن ابن مسعود قوله: " فلا إثم عليه "، قال: خرج من الإثم كله " ومن تأخر فلا إثم عليه "، قال: برئ من الإثم كله، وذلك في الصَّدَر عن الحج = قال ابن جريج: وسمعت رجلا يحدث عن عطاء بن أبي رباح، عن على بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: " فلا إثم عليه "، قال. غفر له،" ومن تأخر فلا إثم عليه "، قال: غُفر له.
3944 - حدثني أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيم، قال. حدثنا أسود بن سوادة القطان، قال: سمعت معاوية بن قُرة قال: يَخرج من ذنوبه. (9)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه "، فيما بينه وبين السنة التي بَعدها.
* ذكر من قال ذلك:
3945 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحه، قال: سألت مجاهدًا عن قول الله عز وجل: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "، قال: لمن في الحج، ليس عليه إثم حتى الحج من عام قابل.
* * *
وقال آخرون: بل معناه. فلا إثم عليه إن اتقى الله فيما بقي من عمره.
* ذكر من قال ذلك:
3946 - حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "، قال: ذهب إثمه كله إن اتقى فيما بقي.
3947 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن المغيرة، عن إبراهيم، مثله.
3948 - حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية، مثله.
3949 - حدثني يونس، قاله: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "، قال: لمن اتقى بشرط.
3950 - حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه "، لا جُناح عليه =" ومن تأخر " إلى اليوم الثالث فلا جناح عليه لمن اتقى= وكان ابن عباس يقول: وددت أنّي من هؤلاء، ممن يُصيبه اسمُ التقوى.
3951 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج: هي في مصحف عبد الله: " لِمَنِ اتَّقَى اللهَ".
3952 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "، فلا حرج عليه، يقول: لمن اتقى معاصيَ الله عز وجل. (10)
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: " فمن تعجل في يومين " من أيام التشريق " فلا إثم عليه "، أي فلا حرج عليه في تعجيله النفْر، إن هو اتقى قَتْل الصيد حتى ينقضي اليوم الثالث، ومن تأخر إلى اليوم الثالث فلم ينفر فلا حرج عليه.
* ذكر من قال ذلك:
3953 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا محمد بن أبي صالح: " لمن اتقى " أن يصيب شيئًا من الصيد حتى يمضي اليوم الثالث.
3954 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه "، ولا يحل له أن يقتل صيدًا حتى تخلو أيام التشريق.
* * *
وقال آخرون: بل معناه: " فمن تعجل في يومين " من أيام التشريق فنفر " فلا إثم عليه "، أي مغفورٌ له-" ومن تأخر " فنفر في اليوم الثالث " فلا إثم عليه "، أي مغفور له إن اتقى على حجه أن يصيبَ فيه شيئًا نهاه الله عنه.
* ذكر من قال ذلك:
3955 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، فال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " لمن اتقى "، قال: يقول لمن اتقى على حجه = قال قتادة: ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من ذنبه - أو: ما سلف من ذنبه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصحة قول من قال: تأويل ذلك: " فمن تعجل في يومين " من أيام منى الثلاثة فنفر في اليوم الثاني" فلا إثم عليه "، لحطِّ الله ذنوبَه، إن كان قد اتقى الله في حجه، فاجتنب فيه ما أمره الله باجتنابه، وفعل فيه ما أمره الله بفعله، وأطاعه بأدائه على ما كلفه من حدوده =" ومن تأخر " إلى اليوم الثالث منهن فلم ينفر إلى النفر الثاني حتى نفر من غد النفر الأول،" فلا إثم عليه "، لتكفير الله له ما سلف من آثامه وإجرامه، وإن كان اتقى الله في حجه بأدائه بحدوده.
وإنما قلنا أن ذلك أولى تأويلاته [بالصحة]، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ومن حجّ هذا البيت فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ خرَج من ذنوبه كيوم ولدته أمه = وأنه قال صلى الله عليه وسلم : " تابعوا بين الحجّ والعمرة، فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذهب والفضة ".
3956 - حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، قال: حدثنا عمرو بن قيس، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقرَ والذنوبَ كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثوابُ دون الجنة ". (11)
3957 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الحكم بن بشير، عن عمرو بن قيس، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. (12)
3958 - حدثنا الفضل بن الصباح، قال: . حدثنا ابن عيينة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، عن عمر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تابعوا بين الحج والعمرة، فإنّ متابعة ما بينهما تنفي الفقر والذنوبَ كما ينفي الكيرُ الخبَثَ= أو: خبَثَ الحديد ". (13)
3959 - حدثنا إبراهيم بن سعيد، قال: حدثنا سعد بن عبد الحميد، قال: حدثنا ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قضيتَ حجَّك فأنت مثل ما ولدتك أمك. (14)
* * *
= وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول بذكر جميعها الكتاب، مما ينبئ عنه أنّ من حجّ فقضاه بحدوده على ما أمره الله، فهو خارج من ذنوبه، كما قال جل ثناؤه: " فلا إثم عليه لمن اتقى " الله في حجه. فكان في ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوضح عن أن معنى قوله جل وعزّ: " فلا إثم عليه "، أنه خارجٌ من ذنوبه، محطوطة عنه آثامه، مغفورَةٌ له أجْرامه= وأنه لا معنى لقول من تأول قوله: " فلا إثم عليه "، فلا حرج عليه في نفره في اليوم الثاني، ولا حرج عليه في مقامه إلى اليوم الثالث. لأن الحرَج إنما يوضع عن العامل فيما كان عليه ترْك عمله، فيرخّص له في عمله بوضع الحرَج عنه في عمله؛ أو فيما كان عليه عمله، فيرخَّص له في تركه بوضع الحرج عنه في تركه. فأما ما على العامل عَمله فلا وَجه لوضع الحرَج عنه فيه إن هو عَمله، وفرضُه عَملُه، لأنه محال أن يكون المؤدِّي فرضًا عليه، حرجا بأدائه، (15) فيجوز أن يقال: قد وضعنا عنك فيه الحرَج.
وإذ كان ذلك كذلك= وكان الحاج لا يخلو عند من تأوّل قوله: " فلا إثم عليه " فلا حرج عليه، أو فلا جناح عليه، من أن يكون فرضه النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق، فوضع عنه الحرَج في المقام، أو أن يكون فرضَه المقام، إلى اليوم الثالث، فوضع عنه الحرج في النفر في اليوم الثاني، فإن يكن فرضه في اليوم الثاني من أيام التشريق المقام إلى اليوم الثالث منها، فوضع عنه الحرج في نفره في اليوم الثاني منها - وذلك هو التعجُّل الذي قيل: " فمن تعجَّل في يومين فلا إثم عليه "- فلا معنى لقوله على تأويل من تأوّل ذلك: " فلا إثم عليه "، فلا جناح عليه،" ومن تأخر فلا إثمَ عليه ". لأن المتأخر إلى اليوم الثالث إنما هو متأخّرٌ عن أداء فرض عليه، تاركٌ قبولَ رُخصة النفر، فلا وجه لأن يقال: " لا حرج عليك في مقامك على أداء الواجب عليك "، لما وصفنا قبل- أو يكون فرضُه في اليوم الثاني النفر، فرُخِّص له في المقام إلى اليوم الثالث، فلا معنى أن يقال: " لا حرج عليك في تعجُّلك النفر الذي هو فرضك وعليك فعله "، للذي قدمنا من العلة.
وكذلك لا معنى لقول من قال: معناه: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " ولا حرج عليه في نفره ذلك، إن اتقى قتل الصيد إلى انقضاء اليوم الثالث. لأن ذلك لو كان تأويلا مسلَّمًا لقائله لكان في قوله: " ومن تأخر فلا إثم عليه "، ما يُبطل دعواه، لأنه لا خلاف بين الأمة في أن الصيد للحاجّ بعد نفره من منى في اليوم الثالث حلال، فما الذي من أجله وَضَع عنه الحرج في قوله: " ومن تأخر فلا إثم عليه "، إذا هو تأخر إلى اليوم الثالث ثم نفر ؟ هذا، مع إجماعِ الحجة على أن المحرم إذا رمى وذبح وحلق وطافَ بالبيت، فقد حلَّ له كل شيء، وتصريحِ الرواية المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك، (16) التي:-
3960 - حدثنا بها هناد بن السري الحنظلي، قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن حجاج، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة قالت: سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها متى يحلّ المحرم ؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رَميتم وذبحتم وحلقتم، حلّ لكم كل شيء إلا النساء= قال: وذكر الزهري، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله. (17)
وأما الذي تأوّل ذلك أنه بمعنى: " لا إثم عليه إلى عام قابل "، فلا وجه لتحديد ذلك بوقت، وإسقاطه الإثمَ عن الحاجّ سنة مستقبَلة، دون آثامه السالفة. لأن الله جل ثناؤه لم يحصُر ذلك على نفي إثم وقت مستقبَل بظاهر التنـزيل، ولا على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام، بل دلالةُ ظاهر التنـزيل تُبين عن أن المتعجّل في اليومين والمتأخر لا إثم على كل واحد منهما في حاله التي هو بها دون غيرها من الأحوال.
والخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم يصرِّح بأنه بانقضاء حجه على ما أمر به، خارجٌ من ذنوبه كيوم ولدته أمه. ففي ذلك = من دلالة ظاهر التنـزيل، وصريح قول الرسول صلى الله عليه وسلم= دلالة واضحة على فساد قول من قال: معنى قوله: " فلا إثم عليه "، فلا إثم عليه من وقت انقضاء حجه إلى عام قابل.
* * *
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: ما الجالب " اللام " في قوله: " لمن اتقى "؟ وما معناها ؟
قيل: الجالبُ لها معنى قوله: " فلا إثم عليه ". لأن في قوله: " فلا إثم عليه " معنى: حططنا ذنوبه وكفَّرنا آثامه، فكان في ذلك معنى: جعلنا تكفيرَ الذنوب لمن اتقى الله في حجه، فترك ذكر " جعلنا تكفير الذنوب "، اكتفاء بدلالة قوله: " فلا إثم عليه " .
وقد زعم بعض نحوييّ البصرة أنه كأنه إذا ذكر هذه الرخصة فقد أخبر عن أمر، فقال: " لمن اتقى " أي: هذا لمن اتقى. وأنكرَ بعضُهم ذلك من قوله، وزعم أن الصفة لا بد لها من شيء تتعلق به، (18) لأنها لا تقوم بنفسها، ولكنها فيما زعم من صلة " قول " متروك، فكان معنى الكلام عنده " قلنا ": (19) " ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى "، وقام قوله: " ومن تأخر فلا إثم عليه "، مقامَ" القول ".
وزعم بعضُ أهل العربية أنّ موضع طرْح الإثم في المتعجِّل، فجُعل في المتأخر= وهو الذي أدَّى ولم يقصر= مثل ما جُعل على المقصِّر، كما يقال في الكلام: " إن تصدقت سرًّا فحسنٌ، وإن أظهرتَ فحسنٌ"، وهما مختلفان، لأن المتصدق علانية إذا لم يقصد الرياء فحسن، وإن كان الإسرار أحسن.
وليس في وصف حالتي المتصدقين بالحُسن وصف إحداهما بالإثم. وقد أخبر الله عز وجل عن النافرين بنفي الإثم عنهما، ومحال أن ينفي عنهما إلا ما كان في تركه الإثم على ما تأوَّله قائلو هذه المقالة. وفي إجماع الجميع على أنهما جميعًا لو تركا النفر وأقاما بمنىً لم يكونا آثمين، ما يدل على فساد التأويل الذي تأوله من حكينا عنه هذا القول.
وقال أيضًا: فيه وجهٌ آخر، وهو معنى نهي الفريقين عن أن يُؤثِّم أحدُ الفريقين الآخر، كأنه أراد بقوله: " فلا إثم عليه "، لا يقل المتعجل للمتأخر: " أنت آثم "، ولا المتأخر للمتعجل: " أنت آثم "، بمعنى: فلا يؤثِّمنَّ أحدهما الآخر.
وهذا أيضًا تأويل لقول جميع أهل التأويل مخالفٌ، وكفى بذلك شاهدًا على خطئه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى : وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: واتقوا الله أيها المؤمنون فيما فَرض عليكما من فرائضه، فخافوه في تضييعها والتفريط فيها، وفيما نهاكم عنه في حجكم ومناسككما أن ترتكبوه أو تأتوه وفيما كلفكم في إحرامكم لحجكم أن تقصِّروا في أدائه والقيام به،" واعلموا أنكم إليه تحشرون "، فمجازيكم هو بأعمالكم- المحسن منكم بإحسانه، والمسيء بإساءته- وموفٍّ كل نفس منكم ما عملت وأنتم لا تظلمون.
---------------------
الهوامش :
(1) الأثر : 3887 -"محمد بن نافع البصري" هو محمد بن أحمد بن نافع العبدي القيسي أبو بكر بن نافع البصري مشهور بكنيته . مترجم في التهذيب"غندر" هو محمد بن جعفر الهذلي مولاهم أبو عبد الله البصري . مترجم في التهذيب .
(2) الحديث : عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : ثقة وثقه أحمد وغيره وتكلم فيه آخرون من قبل حفظه .
والحديث رواه أحمد في المسند : 7134 عن هشيم بهذا الإسناد . ورواه أيضًا : 9008 (2 : 387 حلبي) عن عفان عن أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة .
ورواه الطحاوي في معاني الآثار 1 : 428 من طريق سعيد بن منصور عن هشيم به .
ولم ينفرد عمر بن أبي سلمة بروايته . فرواه ابن ماجه : 1719 من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال البوصيري في زوائده : "إسناده صحيح على شرط الشيخين" .
وسيأتي عقب هذا من رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة .
(3) الحديث : 3912 - روح : هو ابن عبادة . صالح : هو ابن أبي الأخضر اليمامي . وهو ثقةن تكلموا في روايته عن الزهري بما ليس بقادح . وهو كان خادما لزهري فالظاهر أن يكون عرف عن الزهري ما لم يعرف غيره .
والحديث رواه أحمد في المسند : 10674 ، 10930 (2 : 513 ، 535 حلبي) عن روح ابن عبادة بهذا الإسناد . وكذلك رواه الطحاوي 1 : 428 ونسباه للطبري فقط .
وانظر ما مضى : 3471 وما يأتي : 3916 .
(4) الحديث : 3913 - خالد : هو ابن مهران الحذاء . أبو قلابة : هو الجرمي عبد الله ابن زيد . أبو المليح : هو ابن أسامة الهذلي . وهذا إسناد صحيح ليست له علة .
ويشهد له ما روى البخاري 4 : 211 (فتح) من طريق الزهري عن عروة عن عائشة - وعن سالم عن ابن عمر قالا : "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدى" وهو مرفوع حكما -على الراجح- وإن كان لفظه لفظ الموقوف .
وقد مضى معناه مرفوعا لفظا من وجه آخر ، عن الزهري عن سالم عن ابن عمر .
وانظر الحديث التالي لهذا .
(5) الحديث : 3914 - ابن أبي ليلى : هو محمد بن عبد الرحمن . عطاء : هو ابن أبي رباح وهذا إسناد حسن .
والحديث رواه الطحاوي 1 : 428 من طريق سعيد بن منصور عن هشيم بهذا الإسناد . وذكره ابن كثير 1 : 475 ولم يذكر تخريجه . وذكره السيوطي 1 : 235 منسوبا للطبري فقط .
(6) الحديث : 3915 - هذا إسناد مرسل لأن عمرو بن دينار تابعي . ولكن الحديث ورد من طريقه متصلا صحيحًا وكذلك من غير طريقه :
فرواه أحمد في المسند : 15496 (3 : 415 حلبي) عن محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن دينار"عن نافع بن جبير بن مطعم عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه بعث بشر بن سحيم فأمره أن ينادي : ألا إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمن وإنها أيام أكل وشرب يعني أيام التشريق" .
ورواه أحمد أيضًا بنحوه (4 : 235 حلبي) عن سريج عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن بشر بن سحيم . وكذلك رواه الطحاوي 1 : 429 عن ابن خزيمة عن حجاج بن منهال عن حماد بن زيد به .
ورواه شعبة أيضًا عن حبيب بن أبي ثابت عن نافع بن جبير وروايته في مسند الطيالسي 1299 ومسند أحمد : 15497 (3 : 415 حلبي) والطحاوي 1 : 429 .
وكذلك رواه سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن نافع بن جبير وروايته في المسند : 15495 (3 : 415 حلبي) وفيه أيضًا (4 : 235 حلبي) وسنن ابن ماجه : 1730 وقال البوصيري في زوائده : "رواه ابن خزيمة في صحيحه" . وكذلك رواه البيهقي 4 : 298 .
(7) الحديث : 3916 - مضى بهذا الإسناد : 3471 .
حكيم بن حكيم بفتح الحاء فيهما بن عباد بن حنيف : ثقة وثقه ابن حبان والعجلي وغيرهما وصحح له الترمذي وابن خزيمة . وترجمه البخاري في الكبير 2/1/17 وابن أبي حاتم 1/2/202 فلم يذكرا فيه جرحا .
مسعود بن الحكم بن الربيع الزرقي الأنصاري المدني : تابعي ثقة يعد في جلة التابعين وكبارهم . وأمه صحابية معروفة .
والحديث رواه ابن سعد في الطبقات 2/1/134 عن إسماعيل بن إبراهيم -وهو ابن علية- بهذا الإسناد .
ورواه الحاكم في المستدرك 1 : 434- 435 من طريق أحمد بن حنبل عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد . وقال الحاكم : "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي .
وهذا الإسناد -من طريق الإمام احمد : ليس من طريق رواية المسند بل من طريق آخر عنه ولم يذكر هذا الإسناد في المسند . ولكنه رواه بإسناد آخر :
فرواه في المسند : 708 عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق : "حدثني عبد اله بن أبي سلمة عن مسعود بن الحكم الأنصاري ثم الزرقي عن أمه أنها حدثته . . . " فذكر الحديث . وهذا إسناد صحيح أيضًا . فلابن إسحاق فيه شيخان سمعه منهما : حكيم بن حكيم وعبد الله بن أبي سلمة الماجشون- كلاهما عن مسعود بن الحكم .
وانظر أيضًا في المسند : 567 ، 821 ، 824 .
(8) الأثر : 3931 - كان في المطبوعة"حدثنا علي قال حدثنا أبو صالح . . . " و"علي" تصحيف"المثنى" وهعو إسناد دائر في الطبري أقربه رقم : 2893 .
(9) الأثر : 3944 - لم أجد"أسود بن سوادة القطان" ، ولعله"سوادة بن أبي الأسود القطان" وهو الذي يروي عنه أبو نعيمن واسمه"عبد الله" ويقال مسلم بن مخارق القطان . ترجمه في التهذيب .
(10) الأثر : 3952 - في المطبوعة : "حدثنا علي ، قال حدثنا عبد الله" . وقوله"علي" تصحيف والصواب ما أثبتنا ، وانظر الأثر السالف رقم : 3931 والتعليق عليه .
(11) الحديث : 3956 - عبد الله بن سعيد الكندي أبو سعيد الأشج : ثقة حافظ من شيوخ أصحاب الكتب الستة . أبو خالد الأحمر : هو سليمان بن حيان -بالياء التحتية- الأزدي وهو ثقة من شيوخ أحمد وإسحاق أخرج له جماعة . عمرو بن قيس : هو الملائي . عاصم : هو ابن أبي النجود . شقيق : هو ابن سلمة أبو وائل الأسدي عبد الله : هو ابن مسعود .
والحديث رواه احمد في المسند : 3669 عن أبي خالد الأحمر بهذا الإسناد ورواه الترمذي 2 : 78 والنسائي 2 : 4- كلاهما من طريق أبي خالد الأحمر .
وذكره السيوطي 1 : 211 وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن خزيمة وابن حبان .
الكير : زق أو جلد غليظ ذو حافات ينفخ فيه الحداد ، ليؤرث النار . وخبث الحديد وغيره : هو ما ينفيه الكير والنار من الحديد إذا أذيب وهو ما لا خير فيه منه .
(12) الحديث : 3957 - وهذا إسناد آخر صحيح لهذا الحديث لم أجده عند غير الطبري . وهو يدل على أن عاصم بن أبي النجود رواه عن شيخين ، هما أبو وائل وزر بن حبيش- : كلاهما عن ابن مسعود .
(13) الحديث : 3958 - عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب : ضعيف وقد بينا ضعفه في شرح المسند : 128 ، 5229 .
والحديث رواه ابن ماجه : 2887 بإسنادين من طريق ابن عيينة ومن طريق عبيد الله بن عمر- كلاهما عن عاصم بن عبيد الله . وقال البوصيري في زوائده : "مدار الإسنادين على عاصم ابن عبيد الله ، وهو ضعيف . والمتن صحيح من حديث ابن مسعود رواه الترمذي والنسائي" ، يريد الحديثين السابقين .
وذكره السيوطي 1 : 211 وزاد لابن أبي شيبة ، والبيهقي .
(14) الحديث : 3959 - إبراهيم بن سعيد هو الجوهري . مضى في : 3355 . سعد بن عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله الأنصاري المدني : ضعفه ابن حبان جدا وقال ابن معين : "ليس به بأس" . والذي أرجحه أنه ثقة ، فإن البخاري ترجمه في الكبير 2/2/62 فلم يذكر فيه حرجا ولم يذكره هو ولا النسائي في الضعفاء وترجمه ابن أبي حاتم 2/1/92 فلم يجرحه أيضًا .
صالح مولى التوأمة : هو صالح بن نبهان ، مضى في 1020 تصحيح رواية من سمع منه قديما قبل تغير حفظه . وموسى بن عقبة سمع منه قديما ، كما بينا في شرح المسند : 2604 .
وهذا الحديث . بهذا الإسناد - لم أجده في موضع آخر من المراجع من حديث ابن عباس . ومعناه ثابت في أحاديث أخر صحاح . انظر الترغيب والترهيب 2 : 105- 113 ومجمع الزوائد 3 : 207- 209 ، 274- 277 ، وانظر ما سلف من رقم : 3718- 3728 .
(15) قوله : "حرجًا" على وزن"فرح" بمعنى آثم وقد مضى في الجزء 2 : 423 استعمال هذه الصيغة وعلقت عليه أن أهل اللغة ينكرون ذلك ويقولون بل هو"حارج" ولقد أعاد الطبري استعمالها هنا مرة أخرى ، ورأيت أيضًا القاضي الباقلاني قد استعملها في كتابه التمهيد ص : 221 ، فقال : " . . . لم يكن الإمام بذلك مأثومًا ولا حرجًا" وكأني رأيت الشافعي قد استعملها أيضًا في الأم ، ولكن ذهب عني مكانها .
(16) في المطبوعة : "الرواية المروية" ورددتها إلى عبارة الطبري التي يكثر استعمالها ، انظر ما سلف 4 : 33ن س : 19 وفي مواضع كثيرة لم استطع أن أجدها الآن .
(17) الحديث : 3960 - هناد بن السري الدارمي : مضت ترجمته : 2058 . وقد نسب هنا حنظليا كما نسبه البخاري في الكبير . وكلاهما صحيح فهو من بني"دارم بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم" . انظر جمهرة ابن حزم ص : 211 ، 217 .
حجاج : هو ابن أرطأة وهو ثقة على الراجح عندنا كما ذكرنا في : 2299 .
وقد روى الحجاج هذا الحديث بإسنادين : فرواه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة ، وهي بنت عبد الرحمن -وهي خالة أبي بكر بن حزم- عن عائشة وذكر لفظ الحديث . ثم رواه عن الزهري عن عمرة عن عائشة"مثله" . فلم يذكر لفظه . وهذا من تحري الحجاج بن أرطأة ودققه كما سيبين مما يجيء .
فالحديث -من رواية أبي بكر بن حزم- رواه أحمد في المسند 6 : 143 (حلبي) عن يزيد ابن هارون عن الحجاج بهذا الإسناد نحوه . ولكن ليس فيه كلمة"وذبحتم" . وكذلك رواه البيهقي في السنن الكبرى 5 : 136 من طريق مالك بن يحيى عن يزيد بن هارون ، ثم قال : "ورواه محمد بن أبي بكر ، عن يزيد بن هارون فزاد فيه : وذبحتم فقد حل لكم كل شيء ، الطيب والثياب إلا النساء" . ثم ذكر البيهقي إسناده به إلى محمد بن أبي بكر . ثم أعله البيهقي وسنذكر ما قال والجواب عنه ، إن شاء الله .
وقد سها السيوطي ، حين ذكر هذا الحديث في زوائد الجامع الصغير (1 : 117 من الفتح الكبير) فنسبه لصحيح مسلم -مع البيهقي) وهذا خطأ يقينا ، فإنه ليس في صحيح مسلم .
وأما من رواية الحجاج عن الزهري : فرواه أبو داود في السنن : 1978 عن مسدد عن عبد الواحد بن زياد عن الحجاج عن الزهري عن عمرة عن عائشة مرفوعا بلفظ : "إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء" . ثم أعله أبو داود فقال : "هذا حديث ضعيف . والحجاج لم ير الزهري ولم يسمع منه" . وهذا تعليل جيد من أبي داود فقد روى ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل ص : 18 بإسناده عن هشيم قال : "قال لي الحجاج بن أرطأة : سمعت من الزهري؟ قلت : نعم قال : لكني لم أسمع منه شيئًا" .
وأما البيهقي فإنه أعلى رواية الحجاج عن أبي بكر بن حزم تعليلا لا أراه مستقيما . قال عقب روايته : "وهذا من تخليطات الحجاج بن أرطأة وإنما الحديث عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه سائر الناس عن عائشة" . ثم ذكر حديثها قالت : "طيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم ، ولحله قبل أن يفيض -بأطيب ما وجدت من الطيب" . وهو حديث صحيح رواه مسلم .
وما نرى إعلال ذاك بهذا هذا حديث فعلي ، من حكاية عائشة وذاك حديث قولي من روايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل منهما مؤيد لصحة الآخر ، فأتى يستقيم التعليل؟
وقد ورد نحو هذا الحديث أيضًا من حديث ابن عباس مرفوعا : "إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء" . رواه أحمد في المسند : 2090 ، 3204 ، 3491 . ولكنه بإسناد منقطع لأنه من رواية الحسن العرني عن ابن عباس . وهو لم يسمع من ابن عباس كما قال البخاري في الصغير ص 136 . ولكنه يصلح على كل حال شاهدا لهذا الحديث .
(18) الصفة : هي حرف الجر وهي حروف الصفات وانظر ما سلف 1 : 299 تعليق : 1 ثم 3 : 475 تعليق : 1 .
(19) في المطبوعة : "فكان معنى الكلام عنده"ما قلنا" بزيادة"ما" وهو خطأ بين بدل عليه سياق هذا التأويل .