تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 1 من سورة المرسلات
سورة المرسلات
مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وقال ابن عباس وقتادة إلا آية منها ، وهي قوله تعالى : وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون مدنية . وقال ابن مسعود : نزلت والمرسلات عرفا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ونحن معه نسير ، حتى أوينا إلى غار بمنى فنزلت ، فبينا نحن نتلقاها منه ، وإن فاه لرطب بها إذ وثبت حية ، فوثبنا عليها لنقتلها فذهبت ; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وقيتم شرها كما وقيت شركم " . وعن كريب مولى ابن عباس قال : قرأت سورة والمرسلات عرفا فسمعتني أم الفضل امرأة العباس ، فبكت وقالت : والله يا بني لقد أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في صلاة المغرب . والله أعلم . وهي خمسون آية .
بسم الله الرحمن الرحيم
والمرسلات عرفا
قوله تعالى : والمرسلات عرفا جمهور المفسرين على أن المرسلات الرياح . وروى مسروق عن عبد الله قال : هي الملائكة أرسلت بالمعروف من أمر الله تعالى ونهيه والخبر والوحي . وهو قول أبي هريرة ومقاتل وأبي صالح والكلبي .
وقيل : هم الأنبياء أرسلوا بلا إله إلا الله ; قاله ابن عباس . وقال أبو صالح : إنهم الرسل ترسل بما يعرفون به من المعجزات . وعن ابن عباس وابن مسعود : أنها الرياح ; كما قال تعالى : وأرسلنا الرياح . وقال : وهو الذي يرسل الرياح . ومعنى عرفا يتبع بعضها بعضا كعرف الفرس ; تقول العرب : الناس إلى فلان عرف واحد : إذا توجهوا إليه فأكثروا . وهو نصب على الحال من والمرسلات أي والرياح التي أرسلت متتابعة . ويجوز أن تكون مصدرا أي تباعا . ويجوز أن يكون النصب على تقدير حرف الجر ، كأنه قال : والمرسلات بالعرف ، والمراد الملائكة أو الملائكة والرسل . وقيل : يحتمل أن يكون المراد بالمرسلات السحاب ، لما فيها من نعمة ونقمة ، عارفة بما أرسلت فيه ومن أرسلت إليه . وقيل : إنها الزواجر والمواعظ . و ( عرفا ) على هذا التأويل متتابعات كعرف الفرس ; قاله ابن مسعود . وقيل : جاريات ; قاله الحسن يعني في القلوب . وقيل : معروفات في العقول .