تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 37 من سورة المعارج
عن اليمين وعن الشمال عزين أي عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وشماله حلقا حلقا وجماعات . والعزين : جماعات في تفرقة ، قاله أبو عبيدة . ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج على أصحابه فرآهم حلقا فقال : " مالي أراكم عزين . ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها . قالوا : وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال : يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف " خرجه مسلم وغيره . وقال الشاعر :
ترانا عنده والليل داج على أبوابه حلقا عزينا
أي متفرقين . وقال الراعي :
أخليفة الرحمن إن عشيرتي أمسى سراتهم إليك عزينا
أي متفرقين . وقال آخر :
كأن الجماجم من وقعها خناطيل يهوين شتى عزينا
أي متفرقين . وقال آخر :
فلما أن أتين على أضاخ ضرحن حصاه أشتاتا عزينا
وقال الكميت :
ونحن وجندل باغ تركنا كتائب جندل شتى عزينا
وقال عنترة :
وقرن قد تركت لذي ولي عليه الطير كالعصب العزين
وواحد عزين عزة ، جمع بالواو والنون ليكون ذلك عوضا مما حذف منها . وأصلها عزهة ، فاعتلت كما اعتلت سنة فيمن جعل أصلها سنهة . وقيل : أصلها عزوة ، من عزاه يعزوه إذا أضافه إلى غيره . فكل واحد من الجماعات مضافة إلى الأخرى ، والمحذوف منها الواو . وفي الصحاح : " والعزة الفرقة من الناس ، والهاء عوض من الياء ، والجمع عزى - على فعل - وعزون وعزون أيضا بالضم ، ولم يقولوا عزات كما قالوا : ثبات " . قال الأصمعي : يقال في الدار عزون ، أي أصناف من الناس . و عن اليمين وعن الشمال متعلق بمهطعين ويجوز أن يتعلق بعزين على حد قولك : أخذته عن زيد .