تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 205 من سورة الأعراف
قوله تعالى واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين
قوله تعالى واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة نظيره ادعوا ربكم تضرعا وخفية وقد تقدم . قال أبو جعفر النحاس : ولم يختلف في معنى واذكر ربك في نفسك أنه في الدعاء . قلت : قد روي عن ابن عباس أنه يعني بالذكر القراءة في الصلاة . وقيل : المعنى اقرأ القرآن بتأمل وتدبر . تضرعا مصدر ، وقد يكون في موضع الحال . وخيفة معطوف عليه . وجمع خيفة خوف ; لأنه بمعنى الخوف ; ذكره النحاس . وأصل خيفة خوفة ، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها . خاف الرجل يخاف خوفا وخيفة ومخافة ، فهو خائف ، وقوم خوف على الأصل ، وخيف على اللفظ . وحكى الفراء أنه يقال أيضا في جمع خيفة خيف . قال الجوهري : والخيفة الخوف ، والجمع خيف ، وأصله الواو .
ودون الجهر أي دون الرفع في القول . أي أسمع نفسك ; كما قال : وابتغ بين ذلك سبيلا أي بين الجهر والمخافتة . ودل هذا على أن رفع الصوت بالذكر ممنوع . على ما تقدم في غير موضع
بالغدو والآصال قال قتادة وابن زيد : الآصال العشيات . والغدو جمع غدوة . وقرأ أبو مجلز " بالغدو والإيصال " وهو مصدر آصلنا ، أي دخلنا في العشي . والآصال جمع أصل ; مثل طنب وأطناب ; فهو جمع الجمع ، والواحد أصيل ، جمع على أصل ; عن الزجاج . الأخفش : الآصال جمع أصيل ; مثل يمين وأيمان . الفراء : أصل جمع أصيل ، وقد يكون أصل واحدا ، كما قال الشاعر :
ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
الجوهري : الأصيل الوقت بعد العصر إلى المغرب ، وجمعه أصل وآصال وأصائل ; كأنه جمع أصيلة ; قال الشاعر :
لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأقعد في أفيائه بالأصائل
ويجمع أيضا على أصلان ; مثل بعير وبعران ; ثم صغروا الجمع فقالوا أصيلان ، ثم أبدلوا من النون لاما فقالوا أصيلال ; ومنه قول النابغة :
وقفت فيها أصيلالا أسائلها عيت جوابا وما بالربع من أحد
وحكى اللحياني : لقيته أصيلالا .
ولا تكن من الغافلين أي عن الذكر .