تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 12 من سورة الصف
يغفر لكم . قال المهدوي : فإن لم تقدر هذا التقدير لم تصح المسألة ; لأن التقدير يصير إن دللتم يغفر لكم ; والغفران إنما نعت بالقبول والإيمان لا بالدلالة . قال الزجاج : ليس إذا دلهم على ما ينفعهم يغفر لهم ; إنما يغفر لهم إذا آمنوا وجاهدوا . وقرأ زيد بن علي " تؤمنوا " ، و " تجاهدوا " على إضمار لام الأمر ; كقوله :
محمد تفد نفسك كل نفس إذا ما خفت من شيء تبالا
أراد لتفد . وأدغم بعضهم فقال : " يغفر لكم " والأحسن ترك الإدغام ; لأن الراء حرف متكرر قوي فلا يحسن إدغامه في اللام ; لأن الأقوى لا يدغم في الأضعف .
قوله تعالى : " ومساكن طيبة " خرج أبو الحسين الآجري عن الحسن قال : سألت عمران بن الحصين وأبا هريرة عن تفسير هذه الآية ( ومساكن طيبة ) فقالا : على الخبير سقطت ، سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال : " قصر من لؤلؤة في الجنة فيه سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، في كل دار سبعون بيتا من زبرجدة خضراء ، في كل بيت سبعون سريرا ، على كل سرير سبعون فراشا من كل لون ، على كل فراش سبعون امرأة من الحور العين ، في كل بيت سبعون مائدة ، على كل مائدة سبعون لونا من الطعام ، في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة ، فيعطي الله تبارك وتعالى المؤمن من القوة في غداة واحدة ما يأتي على ذلك كله " . في جنات عدن أي إقامة .
ذلك الفوز العظيم أي السعادة الدائمة الكبيرة . وأصل الفوز الظفر بالمطلوب .