تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 1 من سورة الدخان
سورة الدخان .
مكية باتفاق ، إلا قوله تعالى : إنا كاشفو العذاب قليلا وهي سبع وخمسون آية . وقيل : تسع . وفي مسند الدارمي عن أبي رافع قال : ( من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له وزوج من الحور العين ) رفعه الثعلبي من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له . وفي لفظ آخر عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من قرأ الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك . وعن أبي أمامة قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بيتا في الجنة .
" حم " اختلف في معناه ; فقال عكرمة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( " حم " اسم من أسماء الله تعالى وهي مفاتيح خزائن ربك ) قال ابن عباس : " حم " اسم الله الأعظم .
وعنه : " الر " و " حم " و " ن " حروف الرحمن مقطعة .
وعنه أيضا : اسم من أسماء الله تعالى أقسم به .
وقال قتادة : إنه اسم من أسماء القرآن .
مجاهد : فواتح السور .
وقال عطاء الخراساني : الحاء افتتاح اسمه حميد وحنان وحليم وحكيم , والميم افتتاح اسمه ملك ومجيد ومنان ومتكبر ومصور ; يدل عليه ما روى أنس أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ما " حم " فإنا لا نعرفها في لساننا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بدء أسماء وفواتح سور ) وقال الضحاك والكسائي : معناه قضي ما هو كائن .
كأنه أراد الإشارة إلى تهجي " حم " ; لأنها تصير حم بضم الحاء وتشديد الميم ; أي قضي ووقع .
وقال كعب بن مالك : فلما تلاقيناهم ودارت بنا الرحى وليس لأمر حمه الله مدفع وعنه أيضا : إن المعنى حم أمر الله أي قرب ; كما قال الشاعر : قد حم يومي فسر قوم قوم بهم غفلة ونوم ومنه سميت الحمى ; لأنها تقرب من المنية .
والمعنى المراد قرب نصره لأوليائه , وانتقامه من أعدائه كيوم بدر .
وقيل : حروف هجاء ; قال الجرمي : ولهذا تقرأ ساكنة الحروف فخرجت مخرج التهجي وإذا سميت سورة بشيء من هذه الحروف أعربت ; فتقول : قرأت " حم " فتنصب ; قال : يذكرني حاميم والرمح شاجر فهلا تلا حاميم قبل التقدم وقرأ عيسى بن عمر الثقفي : " حم " بفتح الميم على معنى اقرأ حم أو لالتقاء الساكنين .
ابن أبي إسحاق وأبو السمال بكسرها .
والإمالة والكسر للالتقاء الساكنين , أو على وجه القسم .
وقرأ أبو جعفر بقطع الحاء من الميم .
الباقون بالوصل .
وكذلك في " حم .
عسق " .
وقرأ أبو عمرو وأبو بكر وحمزة والكسائي وخلف وابن ذكوان بالإمالة في الحاء .
وروي عن أبي عمرو بين اللفظين وهي قراءة نافع وأبي جعفر وشيبة .
الباقون بالفتح مشبعا .