تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 67 من سورة غافر
قوله تعالى : هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا أي أطفالا . وقد تقدم هذا . ثم لتبلغوا أشدكم وهي حالة اجتماع القوة وتمام العقل . وقد مضى في [ الأنعام ] بيانه .
ثم لتكونوا شيوخا بضم الشين قراءة نافع وابن محيصن وحفص وهشام ويعقوب وأبي عمرو على الأصل ; لأنه جمع فعل ، نحو : قلب وقلوب ورأس ورءوس . وقرأ الباقون بكسر الشين لمراعاة الياء ، وكلاهما جمع كثرة ، وفي العدد القليل أشياخ والأصل أشيخ ، مثل فلس وأفلس إلا أن الحركة في الياء ثقيلة . وقرئ " شيخا " على التوحيد ، كقوله : طفلا والمعنى كل واحد منكم ، واقتصر على الواحد لأن الغرض بيان الجنس . وفي الصحاح : جمع الشيخ شيوخ وأشياخ وشيخة وشيخان ومشيخة ومشايخ ومشيوخاء ، والمرأة شيخة . قال عبيد [ ابن الأبرص ] : .
كأنها شيخة رقوب
وقد شاخ الرجل يشيخ شيخا بالتحريك على أصله وشيخوخة ، وأصل الياء متحركة فسكنت ; لأنه ليس في الكلام فعلول . وشيخ تشييخا أي : شاخ . وشيخته دعوته شيخا للتبجيل . وتصغير الشيخ شييخ وشييخ أيضا بكسر الشين ولا تقل : شويخ النحاس : وإن اضطر شاعر جاز أن يقول أشيخ مثل عين وأعين إلا أنه حسن في عين ; لأنها مؤنثة . والشيخ من جاوز أربعين سنة .
ومنكم من يتوفى من قبل قال مجاهد : أي : من قبل أن يكون شيخا ، أو من قبل هذه الأحوال إذا خرج سقطا . ولتبلغوا أجلا مسمى قال مجاهد : الموت للكل . واللام لام العاقبة . ولعلكم تعقلون ذلك فتعلموا أن لا إله غيره .