تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 125 من سورة الصافات
قال ثعلب : اختلف الناس في قوله - عز وجل - هاهنا " بعلا " فقالت طائفة : البعل هاهنا الصنم . وقالت طائفة : البعل هاهنا ملك . وقال ابن إسحاق : امرأة كانوا يعبدونها . والأول أكثر . وروى الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس : أتدعون بعلا قال : صنما . وروى عطاء بن السائب عن عكرمة عن ابن عباس : أتدعون بعلا قال : ربا . النحاس : والقولان صحيحان ، أي : أتدعون صنما عملتموه ربا . يقال : هذا بعل الدار أي : ربها . فالمعنى أتدعون ربا اختلقتموه ، و " أتدعون " بمعنى أتسمون . حكى ذلك سيبويه . وقال مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي : البعل الرب بلغة اليمن . وسمع ابن عباس رجلا من أهل اليمن يسوم ناقة بمنى فقال : من بعل هذه ؟ . أي : من ربها ، ومنه سمي الزوج بعلا . قال أبو دؤاد :
ورأيت بعلك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا
مقاتل : صنم كسره إلياس وهرب منهم . وقيل : كان من ذهب ، وكان طوله عشرين ذراعا ، وله أربعة أوجه ، فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياءه ، فكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضلالة ، والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس ، وهم أهل بعلبك من بلاد الشام . وبه سميت مدينتهم بعلبك كما ذكرنا .
وتذرون أحسن الخالقين أي أحسن من يقال له خالق . وقيل : المعنى أحسن الصانعين ; لأن الناس يصنعون ولا يخلقون .