تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 4 من سورة القصص
قوله تعالى : إن فرعون علا في الأرض أي استكبر وتجبر ; قاله ابن عباس والسدي وقال قتادة : علا في نفسه عن عبادة ربه بكفره وادعى الربوبية . وقيل : بملكه وسلطانه فصار عاليا على من تحت يده في الأرض أي أرض مصر وجعل أهلها شيعا أي فرقا وأصنافا في الخدمة . قال الأعشى :
وبلدة يرهب الجواب دجلتها حتى تراه عليها يبتغي الشيعا
يستضعف طائفة منهم أي من بني إسرائيل يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم تقدم القول في هذا في ( البقرة ) عند قوله : يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم الآية ; وذلك لأن الكهنة قالوا له : إن مولودا يولد في بني إسرائيل يذهب ملكك على يديه ، أو قال المنجمون له ذلك ، أو رأى رؤيا فعبرت كذلك قال الزجاج : العجب من حمقه لم يدر أن الكاهن إن صدق فالقتل لا ينفع ، وإن كذب فلا معنى للقتل وقيل : جعلهم شيعا فاستسخر كل قوم من بني إسرائيل في شغل مفرد إنه كان من المفسدين أي في الأرض بالعمل والمعاصي والتجبر .