تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 38 من سورة القصص
قوله تعالى : وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري قال ابن عباس : كان بينها وبين قوله : أنا ربكم الأعلى أربعون سنة ، وكذب عدو الله بل علم أن له ثم ربا هو خالقه وخالق قومه ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله . قال : فأوقد لي يا هامان على الطين أي اطبخ لي الآجر ; عن ابن عباس رضي الله عنه وقال قتادة : هو أول من صنع الآجر وبنى به ولما أمر فرعون وزيره هامان ببناء الصرح جمع هامان العمال - قيل خمسين ألف بناء سوى الأتباع والأجراء - وأمر بطبخ الآجر والجص ، ونشر الخشب وضرب المسامير ، فبنوا ورفعوا البناء وشيدوه بحيث لم يبلغه بنيان منذ خلق الله السماوات والأرض ، فكان الباني لا يقدر أن يقوم على رأسه ، حتى أراد الله أن يفتنهم فيه فحكى السدي : أن فرعون صعد السطح ورمى بنشابة نحو السماء ، فرجعت متلطخة بدماء ، فقال قد قتلت إله موسى فروي أن جبريل عليه السلام بعثه الله تعالى عند مقالته ، فضرب الصرح بجناحه فقطعه ثلاث قطع ; قطعة على عسكر فرعون قتلت منهم ألف ألف ، وقطعة في البحر ، وقطعة في الغرب ، وهلك كل من عمل فيه شيئا والله أعلم بصحة ذلك وإني لأظنه من الكاذبين الظن هنا شك ، فكفر على الشك ; لأنه قد رأى من البراهين ما لا يخيل على ذي فطرة .