تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 151 من سورة الشعراء
ولا تطيعوا أمر المسرفين قيل : المراد الذين عقروا الناقة . وقيل : التسعة الرهط الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون . قال السدي وغيره : أوحى الله تعالى إلى صالح : إن قومك سيعقرون ناقتك ; فقال لهم ذلك ، فقالوا : ما كنا لنفعل . فقال لهم صالح : إنه سيولد في شهركم هذا غلام يعقرها ويكون هلاككم على يديه ; فقالوا : لا يولد في هذا الشهر ذكر إلا قتلناه . فولد لتسعة منهم في ذلك الشهر فذبحوا أبناءهم ، ثم ولد للعاشر فأبى أن يذبح ابنه وكان لم يولد له قبل ذلك . وكان ابن العاشر أزرق أحمر فنبت نباتا سريعا ; وكان إذا مر بالتسعة فرأوه قالوا : لو كان أبناؤنا أحياء لكانوا مثل هذا . وغضب التسعة على صالح ; لأنه كان سبب قتلهم أبناءهم فتعصبوا وتقاسموا بالله لنبيتنه وأهله . قالوا : نخرج إلى سفر فترى الناس سفرنا فنكون في غار ، حتى إذا كان الليل وخرج صالح إلى مسجده أتيناه فقتلناه ، ثم قلنا ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ; فيصدقوننا ويعلمون أنا قد خرجنا إلى سفر . وكان صالح لا ينام معهم في القرية وكان يأوي إلى مسجده ، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم ، فلما دخلوا الغار أرادوا أن يخرجوا فسقط عليهم الغار فقتلهم ، فرأى ذلك ناس ممن كان قد اطلع على ذلك ، فصاحوا في القرية : يا عباد الله ! أما رضي صالح أن أمر بقتل أولادهم حتى قتلهم ; فأجمع أهل القرية على قتل الناقة . وقال ابن إسحاق : إنما اجتمع التسعة على سب صالح بعد عقرهم الناقة وإنذارهم بالعذاب على ما يأتي بيانه في سورة ( النمل ) إن شاء الله تعالى .