تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 42 من سورة الأنبياء
قوله تعالى : قل من يكلؤكم أي يحرسكم ويحفظكم . والكلاءة الحراسة والحفظ ؛ كلأه الله كلاء ( بالكسر ) أي حفظه وحرسه . يقال : اذهب في كلاءة الله ؛ واكتلأت منهم أي احترست ، قال الشاعر هو ابن هرمة :
إن سليمى والله يكلؤها ضنت بشيء ما كان يرزؤها
وقال آخر [ كعب بن زهير ] :
أنخت بعيري واكتلأت بعينه
وحكى الكسائي والفراء قل من يكلؤكم بفتح اللام وإسكان الواو . وحكيا ( من يكلاكم ) على تخفيف الهمزة في الوجهين ، والمعروف تحقيق الهمزة وهي قراءة العامة . فأما ( يكلاكم ) فخطأ من وجهين فيما ذكره النحاس : أحدهما : أن بدل الهمزة يكون في الشعر . والثاني : أنهما يقولان في الماضي كليته ، فينقلب المعنى ؛ لأن كليته أوجعت كليته ، ومن قال لرجل : كلاك الله فقد دعا عليه بأن يصيبه الله بالوجع في كليته .
ثم قيل : مخرج اللفظ مخرج الاستفهام والمراد به النفي . وتقديره : قل لا حافظ لكم بالليل إذا نمتم والنهار إذا قمتم وتصرفتم في أموركم . من الرحمن أي من عذابه وبأسه ؛ كقوله تعالى : فمن ينصرني من الله أي من عذاب الله . والخطاب لمن اعترف منهم بالصانع ؛ أي إذا أقررتم بأنه الخالق ، فهو القادر على إحلال العذاب الذي تستعجلونه . بل هم عن ذكر ربهم أي عن القرآن . وقيل : عن مواعظ ربهم . وقيل : عن معرفته . معرضون لاهون غافلون .