تفسير القرطبي
تفسير الآية رقم 31 من سورة الحجر
الاستثناء من الجنس غير الجنس صحيح عند الشافعي ، حتى لو قال : لفلان علي دينار إلا ثوبا ، أو عشرة أثواب إلا قفيز حنطة ، وما جانس ذلك كان مقبولا ، ولا يسقط عنه من المبلغ قيمة الثوب والحنطة . ويستوي في ذلك المكيلات والموزونات والمقدرات . وقال مالك وأبو حنيفة - رضي الله عنهما - : استثناء المكيل من الموزون والموزون من المكيل جائز ، حتى لو استثنى الدراهم من الحنطة والحنطة من الدراهم قبل . فأما إذا استثنى المقومات من المكيلات أو الموزونات ، والمكيلات من المقومات ، مثل أن يقول : علي عشرة دنانير إلا ثوبا ، أو عشرة أثواب إلا دينارا لا يصح الاستثناء ، ويلزم المقر جميع المبلغ . وقال محمد بن الحسن : الاستثناء من غير الجنس لا يصح ، ويلزم المقر جملة ما أقر به . والدليل لقول الشافعي أن لفظ الاستثناء يستعمل في الجنس وغير الجنس ; قال الله - تعالى - : لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما فاستثنى السلام من جملة اللغو . ومثله فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس وإبليس من جملة الملائكة ; قال الله - تعالى - : إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه وقال الشاعر :
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
فاستثنى اليعافير وهي ذكور الظباء ، والعيس وهي الجمال البيض من الأنيس ; ومثله قول النابغة :
حلفت يمينا غير ذي مثنوية ولا علم إلا حسن ظن بصاحب