تفسير ابن كثير
تفسير الآية رقم 18 من سورة محمد
وقوله : ( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ) أي : وهم غافلون عنها ، ( فقد جاء أشراطها ) أي : أمارات اقترابها ، كقوله تعالى : ( هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ) [ النجم : 56 ، 57 ] ، وكقوله : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر : 1 ] وقوله : ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل : 1 ] ، وقوله : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) [ الأنبياء : 1 ] فبعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة ; لأنه خاتم الرسل الذي أكمل الله به الدين ، وأقام به الحجة على العالمين . وقد أخبر - صلوات الله وسلامه عليه - بأمارات الساعة وأشراطها ، وأبان عن ذلك وأوضحه بما لم يؤته نبي قبله ، كما هو مبسوط في موضعه .
وقال الحسن البصري : بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة . وهو كما قال ; ولهذا جاء في أسمائه عليه السلام ، أنه نبي التوبة ، ونبي الملحمة ، والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه ، والعاقب الذي ليس بعده نبي .
وقال البخاري : حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا أبو حازم ، حدثنا سهل بن سعد قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بأصبعيه هكذا ، بالوسطى والتي تليها : " بعثت أنا والساعة كهاتين " .
ثم قال تعالى : ( فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) أي : فكيف للكافرين بالتذكر إذا جاءتهم القيامة ، حيث لا ينفعهم ذلك ، كقوله تعالى : ( يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ) [ الفجر : 23 ] ،
( وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ) [ سبأ : 52 ] .