تفسير ابن كثير
تفسير الآية رقم 32 من سورة الروم
وقوله : ( من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ) أي : لا تكونوا من المشركين الذين قد فرقوا دينهم أي : بدلوه وغيروه وآمنوا ببعض وكفروا ببعض .
وقرأ بعضهم : " فارقوا دينهم " أي : تركوه وراء ظهورهم ، وهؤلاء كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان ، وسائر أهل الأديان الباطلة ، مما عدا أهل الإسلام ، كما قال تعالى : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ) [ الأنعام : 159 ] ، فأهل الأديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء وملل باطلة ، وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شيء ، وهذه الأمة أيضا اختلفوا فيما بينهم على نحل كلها ضلالة إلا واحدة ، وهم أهل السنة والجماعة ، المتمسكون بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين ، وأئمة المسلمين في قديم الدهر وحديثه ، كما رواه الحاكم في مستدركه أنه سئل ، عليه السلام عن الفرقة الناجية منهم ، فقال : " ما أنا عليه [ اليوم ] وأصحابي " .