تفسير ابن كثير
تفسير الآية رقم 7 من سورة الرعد
يقول تعالى إخبارا عن المشركين أنهم يقولون كفرا وعنادا : لولا يأتينا بآية من ربه كما أرسل الأولون ، كما تعنتوا عليه أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، وأن يزيل عنهم الجبال ، ويجعل مكانها مروجا وأنهارا ، قال الله تعالى : ( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) [ الإسراء : 59 ] .
قال الله تعالى : ( إنما أنت منذر ) أي : إنما عليك أن تبلغ رسالة الله التي أمرك بها ، ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ) [ البقرة : 272 ] .
وقوله : ( ولكل قوم هاد ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، أي : ولكل قوم داع .
وقال العوفي ، عن ابن عباس في تفسيرهما : يقول الله تعالى : أنت يا محمد منذر ، وأنا هادي كل قوم ، وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك .
وعن مجاهد : ( ولكل قوم هاد ) أي : نبي . كما قال : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) [ فاطر : 24 ] وبه قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد .
وقال أبو صالح ، ويحيى بن رافع : ( ولكل قوم هاد ) أي : قائد .
وقال أبو العالية : الهادي : القائد ، والقائد : الإمام ، والإمام : العمل .
وعن عكرمة ، وأبي الضحى : ( ولكل قوم هاد ) قالا هو محمد [ رسول الله ] صلى الله عليه وسلم .
وقال مالك : ( ولكل قوم هاد ) من يدعوهم إلى الله ، عز وجل .
وقال أبو جعفر بن جرير : حدثني أحمد بن يحيى الصوفي ، حدثنا الحسن بن الحسين الأنصاري ، حدثنا معاذ بن مسلم بياع الهروي ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : لما نزلت : ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) قال : وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على صدره ، وقال : " أنا المنذر ، ولكل قوم هاد " . وأومأ بيده إلى منكب علي ، فقال : " أنت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدون من بعدي " .
وهذا الحديث فيه نكارة شديدة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا المطلب بن زياد ، عن السدي ، عن عبد خير ، عن علي : ( ولكل قوم هاد ) قال : الهادي : رجل من بني هاشم . قال الجنيد هو علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه .
قال ابن أبي حاتم : وروي عن ابن عباس ، في إحدى الروايات ، وعن أبي جعفر محمد بن علي ، نحو ذلك .