تفسير البغوي
تفسير الآية رقم 150 من سورة الأعراف
قوله - عز وجل - : ( ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا ) قال أبو الدرداء : الأسف شديد الغضب . وقال ابن عباس والسدي : أسفا أي حزينا . والأسف أشد الحزن ، ( قال بئسما خلفتموني من بعدي ) أي : بئس ما عملتم بعد ذهابي ، يقال : خلفه بخير أو بشر إذا أولاه في أهله بعد شخوصه عنهم خيرا أو شرا ، ( أعجلتم ) أسبقتم ( أمر ربكم ) قال الحسن : وعد ربكم الذي وعدكم من الأربعين ليلة . وقال الكلبي : أعجلتم بعبادة العجل قبل أن يأتيكم أمر ربكم . ( وألقى الألواح ) التي فيها التوراة وكان حاملا لها ، فألقاها على الأرض من شدة الغضب .
قالت الرواة : كانت التوراة سبعة أسباع ، فلما ألقى الألواح تكسرت فرفعت ستة أسباعها وبقي سبع ، فرفع ما كان من أخبار الغيب ، وبقي ما فيه الموعظة والأحكام والحلال والحرام ، ( وأخذ برأس أخيه ) بذوائبه ولحيته ( يجره إليه ) وكان هارون أكبر من موسى بثلاث سنين وأحب إلى بني إسرائيل من موسى ، لأنه كان لين الغضب . ( قال ) هارون عند ذلك ( ابن أم ) قرأ أهل الكوفة والشام هاهنا وفي طه بكسر الميم ، يريد يا ابن أمي ، فحذف ياء الإضافة وأبقيت الكسرة لتدل على الإضافة كقوله : " يا عباد " وقرأ أهل الحجاز والبصرة وحفص : بفتح الميم على معنى يا ابن أماه .
وقيل : جعله اسما واحدا وبناه على الفتح ، كقولهم : حضرموت ، وخمسة عشر ، ونحوهما ، وإنما قال ابن أم وكان هارون أخاه لأبيه وأمه ليرققه ويستعطفه .
وقيل : كان أخاه لأمه دون أبيه ، ( إن القوم استضعفوني ) يعني عبدة العجل ، ( وكادوا يقتلونني ) هموا وقاربوا أن يقتلوني ، ( فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني ) في مؤاخذتك علي ( مع القوم الظالمين ) يعني عبدة العجل .