تفسير البغوي
تفسير الآية رقم 112 من سورة النحل
قوله تعالى ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة ) يعني : مكة ، كانت آمنة ، لا يهاج أهلها ولا يغار عليها ، ( مطمئنة ) قارة بأهلها ، لا يحتاجون إلى الانتقال للانتجاع كما يحتاج إليه سائر العرب ، ( يأتيها رزقها رغدا من كل مكان ) يحمل إليها من البر والبحر نظيره : " يجبى إليه ثمرات كل شيء " ( القصص - 57 ( فكفرت بأنعم الله ) جمع النعمة ، وقيل : جمع نعماء مثل بأساء وأبؤس ، ( فأذاقها الله لباس الجوع ) ابتلاهم الله بالجوع سبع سنين ، وقطعت العرب عنهم الميرة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جهدوا فأكلوا العظام المحرقة ، والجيف ، والكلاب الميتة ، والعهن ، وهو الوبر يعالج بالدم ، حتى كان أحدهم ينظر إلى السماء فيرى شبه الدخان من الجوع ، ثم إن رؤساء مكة كلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : هذا عاديت الرجال ، فما بال النساء والصبيان؟ فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس بحمل الطعام إليهم وهم بعد مشركون . وذكر اللباس لأن ما أصابهم من الهزال والشحوب وتغير ظاهرهم عما كانوا عليه من قبل كاللباس لهم ( والخوف ) يعني : بعوث النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه التي كانت تطيف بهم . ( بما كانوا يصنعون )