تفسير البغوي
تفسير الآية رقم 101 من سورة يوسف
( رب قد آتيتني من الملك ) يعني : ملك مصر والملك : اتساع المقدور لمن له السياسة والتدبير . ( وعلمتني من تأويل الأحاديث ) يعني : تعبير الرؤيا . ( فاطر ) أي : يا فاطر ( فاطر السماوات والأرض ) أي : خالقهما ( أنت وليي ) أي : معيني ومتولي أمري ( في الدنيا والآخرة توفني مسلما ) يقول : اقبضني إليك مسلما ( وألحقني بالصالحين ) يريد بآبائي النبيين .
قال قتادة : لم يسأل نبي من الأنبياء الموت إلا يوسف .
وفي القصة : لما جمع الله شمله وأوصل إليه أبويه وأهله اشتاق إلى ربه عز وجل فقال هذه المقالة .
قال الحسن : عاش بعد هذا سنين كثيرة . وقال غيره : لما قال هذا القول لم يمض عليه أسبوع حتى توفي .
واختلفوا في مدة غيبة يوسف عن أبيه ، فقال الكلبي : اثنتان وعشرون سنة .
وقيل : أربعون سنة .
وقال الحسن : ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ، وغاب عن أبيه ثمانين سنة ، وعاش بعد لقاء يعقوب ثلاثا وعشرين سنة ، ومات وهو ابن مائة وعشرين سنة .
وفي التوراة مات وهو ابن مائة وعشر سنين ، وولد ليوسف من امرأة العزيز ثلاثة أولاد : أفرائيم وميشا ورحمة امرأة أيوب المبتلى عليه السلام .
وقيل : عاش يوسف بعد أبيه ستين سنة . وقيل : أكثر . واختلفت الأقاويل فيه .
وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة ، فدفنوه في النيل في صندوق من رخام ، وذلك أنه لما مات تشاح الناس فيه فطلب أهل كل محلة أن يدفن في محلتهم رجاء بركته ، حتى هموا بالقتال ، فرأوا أن يدفنوه في النيل حيث يتفرق الماء بمصر ليجري الماء عليه وتصل بركته إلى جميعهم .
وقال عكرمة : دفن في الجانب الأيمن من النيل ، فأخصب ذلك الجانب وأجدب الجانب الآخر ، [ فنقل إلى الجانب الأيسر فأخصب ذلك الجانب وأجدب الجانب الآخر ] ، فدفنوه في وسطه وقدروا ذلك بسلسلة فأخصب الجانبان جميعا إلى أن أخرجه موسى فدفنه بقرب آبائه بالشام .